التي تعبدونها من دون الله، سوَّاها أولاً بهم في هذه الآية، قال:{عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} إنما أطلق على الأصنام اسم العباد وعبّر عنها بضمائر العقلاء؛ لأن الكفار يصفونها بصفات من هو خير من مطلق العقلاء، أنها معبودات، وأنها تشفع وتقرِّبُ إلى اللهِ زُلْفَى، فبهذا الاعتبار أجرى عليها ضمائر العقلاء، وعبّر عنها بالعباد. ووجه مماثلتهم هنا: أن الكفار العابدين، والأصنام المعبودات كلهم مخلوقات لله لا تقدر أن تجلب لنفسها نفعًا ولا أن تدفع عنها ضرًّا. فهم من قبيل تَسْخِيرِ الله لهم، وخلقه للجميع، وقدرته على الجميع، بهذا الاعتبار هم سواء؛ ولذا قال:{عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} بهذا الاعتبار، وفي الآية التي بعدها سيبيّن انحطاط درجة المعبودين عن العابدين، كما سيأتي إيضاحه قريبًا إن شاء الله.
وقوله:{فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ} يعني: ادعوا هذه الأصنام واطلبوا منها النفع، أو ادعوها إلى الهدى {فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} أنها معبودات من دون الله، وأنها تنفع وتقرب إلى الله زُلفى وتشفع {فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ} إذا دعوتموهم إلى الهدى تبعوكم أو نفعوكم بشيء {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} جمهور علماء العربية على أن جزاء الشرط لا يتقدم عليه، إلا أن ما تقدم دليل الجزاء، أي: إن كنتم صادقين في أنها تعبد وتنفع فادعوها فلتستجب لكم، ولا تستجيب لكم أبدًا، كما صرح الله بذلك وأوضحه في آيات من كتابه كقوله: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ (١٣) إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤)} [فاطر: الآيتان ١٣، ١٤] وكقوله تعالى: