وأجاز أبو حنيفة بيع الوقف. وقال أبو يوسف لو بلغه هذا الحديث لقال به ورجع عن بيع الوقف.
وقال القرطبي رد الوقف مخالف للإجماع. فلا يلتفت إلى قول أبي حنيفة. وتقدم قول "صدقة جارية" وللنسائي وغيره عن قتادة مرفوعًا "خير ما يخلفه الرجل بعده ثلاث منها: صدقة تجري يبلغه أجرها" فدلت هذه الأحاديث على لزوم الوقف. وأنه من أفضل القربات. وعلى عدم جواز نقضه. وأنه عقد لازم بمجرد القول أو الفعل. وإن لم يحكم به حاكم. وقال الترمذي العمل عليه عند أهل العلم. فلا يجوز فسخه بإقالة ولا غيرها من واقف وغيره. لأنه مؤبد يتعذر الرجوع فيه بعد التحبيس.
ومذهب الجمهور أنه تشترط فيه المنفعة دائمًا من معين ينتفع به مع بقاء عينه. وعند الشيخ أقرب الحدود في الموقوف أنه كل عين تجوز إعارتها (قال فتصدق بها عمر على الفقراء) وتقدم أنهم من لا يجدون شيئًا أو يجدون بعض الكفاية وإذا أفردوا دخل فيهم المساكين (وذوي القربى) أي: قربى عمر (والرقاب) يعني المماليك في فك رقابهم من الرق (وفي سبيل الله) أي وفي النفقة في سبيل الله يعني الجهاد (وابن السبيل) أي الطريق وهو المسافر المنقطع به (والضيف) وهو من نزل بقوم يريد القرى. وفيه أن الوقف من شرطه أن يكون على بر. لأن المقصود منه التقرب إلى الله.