للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحابك، والله لو أن لي طِلاع (١) الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه) (٢) .

ومنها: أنه وقّاف عند حدود الله عزّ وجل ودليل ذلك: أن رجلاً دخل عليه وقال: هيه يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى همّ أن يوقع به، فقال له الحر (٣) :

يا أمير المؤمنين؛ إن الله - تعالى - قال لنبيه صلّى الله عليه وسلّم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩] ، وإن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافاً عند كتاب الله) (٤) .

ومنها: عدله رضي الله عنه يقول ابن تيمية رحمه الله عن ذلك: (وبعدل عمر يضرب المثل) (٥) ، ويقول: (ومعلوم أن رعية عمر انتشرت شرقاً وغرباً.. ومع هذا فكلهم يصفون عدله، وزهده، وسياسته، ويعظمونه، والأمة قرناً بعد قرن تصف عدله وزهده وسياسته، ولا يُعرف أن أحداً طعن في ذلك) (٦) .

وهذه الصفات وغيرها نماذج من سيرة ثاني الخلفاء الراشدين التي يقول عنها ابن تيمية رحمه الله (لا يُعرف في سير الناس كسيرته) (٧) ، ومناقبه كثيرة، أطال


(١) الطِلاع: طلاع الشيء: ملؤه حتى يطالع أعلاه أعلاه فيساويه، انظر: لسان العرب لابن منظور ٨/٢٣٥ مادة (طلع) ، القاموس المحيط للفيروزآبادي ٣/٦١ مادة (طلع) .
(٢) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٧/٤٣ كتاب فضائل أصحاب النبي، باب من فضائل عمر.
(٣) الحرّ بن قيس بن حصن الفزاري، ابن أخي عيينة بن حصن، كان أحد الوفد الذين قدموا على رسول الله من فزارة مرجعه من تبوك.

انظر في ترجمته: الطبقات الكبرى لابن سعد ١/٢٢٦، الاستيعاب لابن عبد البر ١/٣٨٨ الإصابة لابن حجر ١/٣٢٤.
(٤) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٨/٣٠٤ - ٣٠٥ كتاب التفسير، باب سورة الأعراف {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ... } .
(٥) منهاج السنة النبوية ٦/١٦.
(٦) منهاج السنة النبوية ٦/١٧.
(٧) منهاج السنة النبوية ٦/٥٤.

<<  <   >  >>