١٢٥٠- خير الذكر الخفي، وخير الرزق ما يكفي -وفي لفظ: وخير المال ما يكفي بدل: الرزق١.
رواه أبو يعلى والعسكري وأبو عوانة وأحمد وابن حبان وصححه عن سعد بن أبي وقاص رفعه، لكن لفظ أحمد وابن حبان: خير الرزق ما يكفي وخير الذكر الخفي، وقال النووي في فتاواه: ليس بثابت، ورواه أحمد في الزهد عن زياد بن جبير مرسلًا بلفظ: خير الرزق الكفاف، ورواه ابن عدي والديلمي عن أنس بلفظ: خير الرزق ما يكون يومًا بيوم كفافًا، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة:"اللهم اجعل رزق آل محمد كفافًا" -وفي لفظ:"قوتًا"، قال في المقاصد: والمعنى أن إخفاء العمل وعدم الشهرة والإشارة إلى الرجل بالأصابع خير من ضده، وأسلم في الدنيا والدين، والقليل الذي لا يشغل عن الآخرة خير من الكثير الذي يلهي عنها، ولذا لما قال عمرو بن سعد بن أبي وقاص لأبيه: أرضيت أن تكون إعرابيًّا في غنمك, والناس يتنازعون في المال؟ ضرب سعد وجه ابنه المذكور وقال: دعني، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"إن الله يحب العبد الغني التقي الخفي"، رواه عنه أبو عوانة وغيره, وروي عن أنس مرفوعا:"طوبى لكل غني تقي ولكل فقير خفي، يعرفه الله ولا يعرفه الناس" انتهى، وأقول: تفسيره صدر الحديث بما ذكره من الإشارة إلى الرجل بالأصابع خلاف الظاهر، إذ المتبادر تفسيره بذكر العبد الله تعالى سرًّا دون إعلان لما فيه من البعد عن الرياء، وقيل: المراد بالذكر الخفي التفكير، ففي حديث أبي الشيخ في العظمة: فكر ساعة خير من عبادة ستين سنة، وحديثه أيضا: تفكروا في كل شيء, ولا تفكروا في ذات الله؛ فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور وفوق ذلك -كذا في الفتاوى الحديثية لابن حجر، قال فيها: وقد ورد أن عمر كان يجهر وأبو بكر كان يسر، فسألهما النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجابه كلٌّ بما ذكرته فأقرهما، أي أجاب أبو بكر بما ذكره أولًا من مجاهدة النفس وتعليمها طرق الإخلاص وإيثار الخمول، وأجاب عمر بأن الجهر لدفع الوساوس الردية وإيقاظ القلوب الغافلة وإظهار الأعمال الكاملة كما يفعله الصوفية من الجهر من بعضهم, والإسرار من الآخرين له أصل من السنة انتهى، وما أحسن ما قيل: