للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المناسب، وعلى أن التأثير عندهم شامل للمؤثر والملائم لدخول الوصف الملائم في المؤثر عندهم لما تقدم من أن المؤثر عندهم هو الوصف المناسب الملائم للحكم عند العقول الذي ظهر تأثيره شرعاً، بأن يكون لجنس الوصف تأثير في عين الحكم أو في جنسه، أو تأثير لعين الوصف في جنس الحكم أو عينه، ولأنه لا بد في اعتبار التأثير من ثبوته بالنص أو الإجماع، فإنه لا خلاف بين قدمائهم الذين لم يقسموا الوصف المناسب إلى: مؤثر وملائم، وغريب ومرسل، وبين متأخريهم الذين قسموه إلى تلك الأقسام، بدليل أن صاحب التوضيح مثل لاعتبار جنس الوصف في نوع الحكم بالمضمضة للصائم لما جاء في حديث عمر رضي الله عنه "أرأيت لو تمضمضت" ١؛ لأن للجنس وهو عدم دخول الشيء اعتباراً في عدم إفساد الصوم.

ولاعتبار نوع الوصف في جنس الحكم بقياس الولاية على الثيب الصغيرة على البكر الصغيرة بالصغر، لأن لنوعه اعتبار في جنس الولاية لثبوتها في المال، ولاعتبار الجنس في الجنس بطهارة سؤر الهرة بالطواف، فإن لجنس الضرورة اعتباراً في جنس التخفيف٢.

فإن فخر الإسلام مثل بهذه الأمثلة للوصف المناسب المؤثر، وهذا يدل على اتفاقهم كما ترى٣.

ولذا قال صاحب التحرير وشارحه: "اعلم أن الحنفية القائلون التعليل بكل من الأقسام الأربعة: العين في العين، وفي الجنس، والجنس في الجنس، وفي العين مقبول، فإن كان التعليل بما عينه أو جنسه مؤثراً في عين الحكم فقياس اتفاقاً، للزوم أصل القياس في كل من هذين، ويقال: لما ثبت اعتبار عينه في عين الحكم أنه في معنى الأصل، وهو المقطوع به الذي ربما يقر منكرو القياس


١ سنن أبي داود ١/٥٥٦، نيل الأوطار ٤/١٧٨.
٢ انظر: التوضيح ٢/٧٢-٧٣.
٣ انظر: كشف الأسرار ٣/٣٥٩ فما بعدها.

<<  <   >  >>