الْجَزْم بوهمه فِي نسبته الْأَصْحَاب إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا إِلَى معَاذ، فَكيف بهم مُجْتَمعين؟! وَمثل هَذَا لَا يخْفَى عَلَى الكوثري، وَلكنه يتجاهل ذَلِك عمدا لغاية فِي نَفسه، وَإِلَّا فَإِن لم تكن رِوَايَة ابْن الْجَعْد هَذِه شَاذَّة فَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا مَا يُمكن الحكم عَلَيْهِ بالشذوذ، وَلذَلِك لم يعرج عَلَى هَذِه الرِّوَايَة كل من ترْجم لِلْحَارِثِ هَذَا.
فَثَبت مِمَّا تقدم أَن الْحَارِث بن عَمْرو هُوَ من صغَار التَّابِعين، وَلَيْسَ من كبارهم، وَقد صرح بِسَمَاعِهِ من جَابر بن سَمُرَة فِي رِوَايَة الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده (٢١٦) عَن شُعْبَة عَنهُ.
وَالْآخر: هَب أَنه من كبار التَّابِعين، فَذَلِك لَا يَنْفِي عَنهُ جَهَالَة الْعين فضلا عَن جَهَالَة الْوَصْف عِنْد أحد من أَئِمَّة الْجرْح وَالتَّعْدِيل، بل إِن سيرتهم فِي ترجمتهم للرواة يُؤَيّد مَا ذكرنَا، فَهَذَا مثلا حُرَيْث بن ظهير من الطَّبَقَة الثَّانِيَة عِنْد الْحَافِظ، وَهِي طبقَة كبار التَّابِعين، فَإِنَّهُ مَعَ ذَلِك أطلق عَلَيْهِ الْحَافِظ بِأَنَّهُ مَجْهُول، وَسَبقه إِلَى ذَلِك الإِمَام الذَّهَبِيّ، فَقَالَ: لَا يعرف. وَمثله حُصَيْن بن نمير الْكِنْدِيّ الْحِمصِي، قَالَ الْحَافِظ: يروي عَن بِلَال، مَجْهُول من الثَّانِيَة. وَنَحْوه خَالِد بن وهبان ابْن خَالَة أبي ذَر، قَالَ الْحَافِظ: مَجْهُول من الثَّالِثَة.