فَكَذَلِك حَدِيث معَاذ لما احْتَجُّوا بِهِ جَمِيعًا غنوا عَن طلب الْإِسْنَاد لَهُ، انْتَهَى كَلَامه هَذَا مَا قَالَه ابْن الْقيم.
وَقَالَ الكوثري فِي مقالاته (ص٦٠ - ٦٣) .
وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ عَن أَصْحَاب معَاذ الْحَارِث بن عَمْرو الثَّقَفِيّ، وَلَيْسَ هُوَ بِمَجْهُول الْعين، بِالنّظرِ إِلَى أَن شُعْبَة بن الْحجَّاج يَقُول عَنهُ: إِنَّه ابْن أخي الْمُغيرَة بن شُعْبَة، وَلَا بِمَجْهُول الْوَصْف من حَيْثُ أَنه من كبار التَّابِعين فِي طبقَة شُيُوخ أبي عون الثَّقَفِيّ الْمُتَوفَّى سنة ١١٦ هـ، وَلم ينْقل أهل الشَّأْن جرحا مُفَسرًا فِي حَقه، وَلَا حَاجَة فِي الحكم بِصِحَّة خبر التَّابِعِيّ الْكَبِير إِلَى أَن ينْقل توثيقه عَن أهل طبقته، بل يَكْفِي فِي عَدَالَته وَقبُول رِوَايَته أَلا يثبت فِيهِ جرح مُفَسّر مِنْهُم، فَهُوَ مَقْبُول الرِّوَايَة.
أما الصَّحَابَة فكلهم عدُول، لَا يُؤثر فِيهِ جرح مُطلقًا عِنْد الْجُمْهُور، والتابعون أَيْضا مشهود لَهُم بالخيرية عدُول مَا لم يثبت فيهم جرح مُؤثر، وَمن بعدهمْ لَا تقبل روايتهم مَا لم تثبت عدالتهم وَهَكَذَا.
فَمن جعل الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعيهم فِي منزلَة وَاحِدَة فِي هَذَا الحكم لم ينزل النَّاس مَنَازِلهمْ، وَكم فِي صَحِيح البُخَارِيّ من رجال لم ينْقل توثيقهم عَن أحد نصا، إِلَّا أَنه لم يثبت جرحهم، فأدخلت روايتهم فِي الصَّحِيح، كَمَا نَص عَلَى ذَلِك الذَّهَبِيّ فِي مَوَاضِع من الْمِيزَان،