الْهَزْلِ بِدُونِ الْفَسَادِ، وَأَمَّا فِي الْإِكْرَاهِ فَلَا رِضَا بِالسَّبَبِ أَصْلًا، وَاخْتِيَارُ السَّبَبِ مَوْجُودٌ مَعَ الْفَسَادِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْهَزْلِ الْوُقُوعُ فِي الْإِكْرَاهِ (وَإِذَا اتَّصَلَ بِقَبُولِ الْمَالِ) أَيْ: إذَا اتَّصَلَ الْإِكْرَاهُ بِقَبُولِ الْمَالِ فِي الطَّلَاقِ (يَقَعُ الطَّلَاقُ بِلَا مَالٍ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْإِكْرَاهَ (بِعَدَمِ الرِّضَا بِالسَّبَبِ وَالْحُكْمِ فَكَأَنَّ الْمَالَ لَمْ يُوجَدْ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمَالِ (كَمَا فِي خُلْعِ الصَّغِيرَةِ) فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ بِلَا مَالٍ (بِخِلَافِ الْهَزْلِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلِأَنَّ الرِّضَا بِالسَّبَبِ ثَابِتٌ) أَيْ: فِي الْهَزْلِ (دُونَ الْحُكْمِ، فَيَصِحُّ إيجَابُ الْمَالِ
ــ
[التلويح]
عَلَى الْفَاعِلِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي حَقِّ الْإِثْمِ فَقَطْ دُونَ الْجَزَاءِ إذْ الْكَفَّارَةُ تَجِبُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْفَاعِلِ، وَالْحَامِلِ قُلْنَا الْفِعْلُ هَاهُنَا هُوَ قَتْلُ الصَّيْدِ بِالْيَدِ، وَالْكَفَّارَةُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى ذَلِكَ مُقْتَصِرَةٌ عَلَى الْفَاعِلِ، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَى الْحَامِلِ فَإِنَّمَا هِيَ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى قَتْلِ الصَّيْدِ بِإِكْرَاهِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ أَوْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ مُوجِبَ الْكَفَّارَةِ هُوَ الْجِنَايَةُ عَلَى الْإِحْرَامِ، وَكُلٌّ مِنْ الْفَاعِلِ، وَالْحَامِلِ جَانٍ عَلَى إحْرَامِ نَفْسِهِ أَمَّا الْفَاعِلُ فَبِقَتْلِ الصَّيْدِ بِيَدِهِ، وَأَمَّا الْحَامِلُ فَبِإِكْرَاهِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ فَالْفِعْلُ الَّذِي هُوَ الْقَتْلُ بِالْيَدِ لَمْ يَتَجَاوَزْ الْفَاعِلَ فِي حَقِّ مَا وَجَبَ بِهِ مِنْ الْجَزَاءِ، وَالثَّانِي، وَهُوَ مَا يَكُونُ تَبْدِيلُ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ مُسْتَلْزِمًا لِتَبْدِيلِ ذَاتِ الْفِعْلِ كَمَا إذَا أَكْرَهَ الْغَيْرَ عَلَى بَيْعِ الشَّيْءِ، وَتَسْلِيمِهِ، فَيَقْتَصِرُ التَّسْلِيمُ عَلَى الْفَاعِلِ إذْ لَوْ نُسِبَ إلَى الْحَامِلِ، وَجُعِلَ الْفَاعِلُ آلَةً لَزِمَ التَّبْدِيلُ فِي مَحَلِّ التَّسْلِيمِ بِأَنْ يَصِيرَ مَغْصُوبًا؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مِنْ جِهَةِ الْحَامِلِ يَكُونُ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِيلَاءِ، فَيَصِيرُ الْبَيْعُ، وَالتَّسْلِيمُ غَصْبًا أَمَّا إذَا نُسِبَ التَّسْلِيمُ إلَى الْفَاعِلِ، وَجُعِلَ مُتَمِّمًا لِلْعَقْدِ حَتَّى إنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْلِكُ الْمَبِيعَ مِلْكًا فَاسِدًا لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ، وَعَدَمِ نَفَاذِهِ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْفِعْلَ فِي الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَيْسَ مِمَّا يَحْتَمِلُ كَوْنَ الْفَاعِلِ آلَةً إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ الشَّخْصُ آلَةً لِلْغَيْرِ فِي الْقَتْلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جِنَايَةٌ، وَلَا فِي التَّسْلِيمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إتْمَامٌ لِلْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَى إحْرَامِ الْغَيْرِ، وَلَا عَلَى تَمَلُّكِ مَالِ الْغَيْرِ، وَإِتْمَامِ تَصَرُّفِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَنَّهُ لَوْ جُعِلَ آلَةً لَتَبَدَّلَ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ ذَلِكَ لَكِنْ لَوْ فُرِضَ لَبَطَلَ الْإِكْرَاهُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاحْتِمَالِ الْفِعْلِ كَوْنُ الْفَاعِلِ آلَةً أَنَّهُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ، وَبِالنَّظَرِ إلَى صُورَتِهِ، وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ الْفَاعِلَ فِي الْقَتْلِ، وَالتَّسْلِيمِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ آلَةً بِمَنْزِلَةِ السَّيْفِ، وَالطَّرَفِ، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُ الْجِنَايَةِ، وَإِتْمَامُ التَّصَرُّفِ، وَهُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى نَفْسِ الْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: وَالْإِعْتَاقُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ) يَعْنِي: أَنَّ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ مَا يَتَضَمَّنُ مَعْنَيَيْنِ يُمْكِنُ نِسْبَةُ أَحَدِهِمَا إلَى الْغَيْرِ، وَكَوْنُ الْفَاعِلِ آلَةً، وَلَا يُمْكِنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute