للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَفْظُ حُرٍّ مَذْكُورٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَا لَفْظُ حُرَّانِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُضْمَرَ فِي الْمَعْطُوفِ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ هَذَا مُغَيِّرٌ لِمَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا حُرٌّ ثُمَّ قَوْلُهُ وَهَذَا غَيْرُ مُغَيِّرٍ لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلتَّشْرِيكِ فَيَقْتَضِي وُجُودَ الْأَوَّلِ فَيَتَوَقَّفُ أَوَّلُ الْكَلَامِ عَلَى الْمُغَيِّرِ لَا عَلَى مَا لَيْسَ بِمُغَيِّرٍ فَيَثْبُتُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى الثَّالِثِ فَصَارَ مَعْنَاهُ أَحَدُهُمَا حُرٌّ ثُمَّ قَوْلُهُ وَهَذَا يَكُونُ عَطْفًا عَلَى أَحَدِهِمَا وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ تَفَرَّدَ بِهِمَا خَاطِرِي (وَإِذَا اسْتَعْمَلَ أَوْ فِي النَّفْيِ يَعُمُّ نَحْوُ {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤] أَيْ لَا هَذَا وَلَا ذَاكَ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَا تُطِعْ أَحَدًا مِنْهُمَا فَيَكُونُ نَكِرَةً فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ فَإِنْ قَالَ لَا أَفْعَلُ هَذَا أَوْ هَذَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا وَإِذَا قَالَ هَذَا وَهَذَا يَحْنَثُ بِفِعْلِهِمَا لَا بِأَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَجْمُوعُ) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ هَذَا الْمَجْمُوعَ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ بَلْ بِفِعْلِ الْمَجْمُوعِ (إلَّا أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا) كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَرْتَكِبُ الزِّنَا وَأَكَلَ مَالَ الْيَتِيمِ فَإِنَّ الدَّلِيلَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا فِي النَّفْيِ أَيْ لَا يَفْعَلُ أَحَدًا مِنْهُمَا لَا هَذَا وَلَا ذَاكَ (بِأَنْ لَا يَكُونَ لِلِاجْتِمَاعِ تَأْثِيرٌ فِي الْمَنْعِ) أَيْ دَلَالَةُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ

ــ

[التلويح]

حُدُّوا بِقَطْعِ الطَّرِيقِ عَلَى قَوْمٍ يُرِيدُونَ الْإِسْلَامَ؟ قُلْت مَعْنَاهُ يُرِيدُونَ تَعَلُّمَ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّهُمْ أَسْلَمُوا، وَلَوْ سَلِمَ فَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ لِيُسْلِمَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الذِّمِّيِّ فَيُحَدُّ قَاطِعُ الطَّرِيقِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ «مَنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ صُلِبَ» حَمَلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى اخْتِصَاصِ الصَّلْبِ بِهَذِهِ الْحَالَةِ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهَا لَا عَلَى اخْتِصَاصِ هَذِهِ الْحَالَةِ بِالصَّلْبِ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ فِيهَا غَيْرُهُ بَلْ أَثْبَتَ فِيهَا لِلْإِمَامِ الْخِيَارَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ الْقَطْعُ ثُمَّ الْقَتْلُ وَالْقَطْعُ ثُمَّ الصَّلْبُ، وَالْقَتْلُ فَقَطْ وَالصَّلْبُ فَقَطْ لِأَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ تَحْتَمِلُ الِاتِّحَادَ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا قَطْعُ الْمَارَّةِ فَيُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ، وَالتَّعَدُّدُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وُجِدَ سَبَبُ الْقَتْلِ وَسَبَبُ الْقَطْعِ فَيَلْزَمُ حُكْمُ السَّبَبَيْنِ، وَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعُرَنِيِّينَ بِقَطْعِ أَيْدِيهِمْ، وَأَرْجُلِهِمْ، وَأَمَرَ بِتَرْكِهِمْ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا» ، وَقَدْ تَعَارَضَتْ الرِّوَايَاتُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ «مَنْ أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ وَصُلِبَ» فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَعِنْدَهُمَا يَتَعَيَّنُ الصَّلْبُ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ.

(قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِيمَنْ قَالَ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا مُشِيرًا إلَى عَبْدِهِ وَدَابَّتِهِ أَنَّ كَلَامَهُ بَاطِلٌ أَيْ لَغْوٌ لَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ وَضْعَ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَعَمُّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى التَّعْيِينِ، وَالْأَعَمُّ يَجِبُ صِدْقُهُ عَلَى الْأَخَصِّ، وَالْوَاحِدُ الْأَعَمُّ الَّذِي يَصْدُقُ عَلَى الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ غَيْرُ صَالِحٍ لِلْعِتْقِ، وَإِنَّمَا يَصْلُحُ لَهُ الْوَاحِدُ الْمُعَيَّنُ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ، وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ إيجَابَ الْعِتْقِ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ لَا عَلَى الْمَفْهُومِ الْعَامِّ إذْ الْأَحْكَامُ تَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>