الْمَجَازِ (بَلْ هُوَ اسْمٌ مَنْقُولٌ) أَيْ مَنْقُولٌ شَرْعِيٌّ، وَالْمَنْقُولُ الشَّرْعِيُّ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ.
(قُلْنَا مَنْقُولٌ فِي إثْبَاتِ الْقُوَّةِ الْمَخْصُوصَةِ) لَا فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ (ثُمَّ يُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى سَبَبِهِ، وَهُوَ إزَالَةُ الْمِلْكِ، يَرِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ الطَّلَاقَ رَفْعُ الْقَيْدِ، وَالْإِعْتَاقَ إثْبَاتُ الْقُوَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.
(أَنَّا نَسْتَعِيرُ الطَّلَاقَ، وَهُوَ إزَالَةُ الْقَيْدِ لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ لَا لِلَفْظِ الْإِعْتَاقِ حَتَّى يَقُولُوا الْإِعْتَاقُ مَا هُوَ فَالِاتِّصَالُ الْمُجَوِّزُ لِلِاسْتِعَارَةِ مَوْجُودٌ بَيْنَ إزَالَةِ الْمِلْكِ، وَإِزَالَةِ الْقَيْدِ) .
وَلَا يَتَعَلَّقُ بِبَحْثِنَا أَنَّ (الْإِعْتَاقَ مَا هُوَ بِالْجَوَابِ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَيْسَ لِإِبْطَالِ هَذَا الْإِيرَادِ فَإِنَّ هَذَا الْإِيرَادَ حَقٌّ بَلْ يُبْطِلُ الِاسْتِعَارَةَ بِوَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ (أَنَّ إزَالَةَ الْمِلْكِ أَقْوَى
ــ
[التلويح]
عَنْ الرِّقِّ، وَلَا يَصِحُّ إسْنَادُهُ حَقِيقَةً إلَّا إلَى الْمَالِكِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ مَعْنَى إثْبَاتِ الْقُوَّةِ إنَّمَا يَعْرِفُهُ الْأَفْرَادُ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَكَوْنُ اللَّفْظِ مَنْقُولًا إلَيْهِ لَا إلَى إزَالَةِ الْمِلْكِ مَمْنُوعٌ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ بِنَقْلٍ أَوْ سَمَاعٍ لِأَنَّهُ الْعُمْدَةُ فِي إثْبَاتِ وَضْعِ الْأَلْفَاظِ، وَكَوْنُ إثْبَاتِ الْقُوَّةِ أَنْسَبَ بِمَأْخَذِ الِاشْتِقَاقِ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ الْجَوَازِ أَنْ يُنْقَلَ اللَّفْظُ إلَى مَعْنَى غَيْرِهِ أَنْسَبَ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ مِنْهُ عَلَى أَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِعْتَاقَ مَنْقُولٌ بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِمَا نَقْلٌ شَرْعِيٌّ.
(قَوْلُهُ: يُرَدُّ عَلَيْهِ) قَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا الْإِيرَادِ بِأَنَّ الْعِتْقَ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ مَعْنَاهُ إثْبَاتُ الْقُوَّةِ الْمَخْصُوصَةِ عَلَى مَا مَرَّ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا لِيَحْصُلَ الْعِتْقُ شَرْعًا، وَاسْتِعَارَةُ الطَّلَاقِ لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ لَيْسَتْ اسْتِعَارَةً لِهَذَا الْمَعْنَى فَلَا يُوجِبُ ثُبُوتَهُ شَرْعًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَزَلْت عَنْك الْمِلْكَ أَوْ رَفَعْت عَنْك قَيْدَ الرِّقِّ فَإِنَّهُ مَجَازٌ عَنْ إثْبَاتِ الْقُوَّةِ بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ كَمَا كَانَ الْإِعْتَاقُ فِي مِثْلِ أَعْتَقَ فُلَانٌ عَبْدَهُ مَجَازًا عَنْ إزَالَةِ الْمِلْكِ بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ، وَلَا مَسَاغَ لِذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّهُ إذَا جَعَلَ الطَّلَاقَ مُسْتَعَارًا لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ فَلَيْسَ هُنَاكَ لَفْظٌ يُجْعَلُ مَجَازًا عَنْ إثْبَاتِ الْعِتْقِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ الْعِتْقَ يَثْبُتُ بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ لِكَوْنِهِ لَازِمًا لِلْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ الَّذِي هُوَ إزَالَةُ الْمِلْكِ.
(قَوْلُهُ: لَا لِلَفْظِ الْإِعْتَاقِ) عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ لَا لِمَفْهُومِ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَالْجَوَابُ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ اسْتِعَارَةُ إزَالَةِ الْقَيْدِ لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي الِاسْتِعَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعَارُ مِنْهُ أَقْوَى فِي وَجْهِ الشَّبَهِ كَالْأَسَدِ فِي الشَّجَاعَةِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعَارُ لَهُ لَازِمًا لَهُ كَالشُّجَاعِ لِلْأَسَدِ، وَكِلَا الشَّرْطَيْنِ مُنْتَفٍ هَاهُنَا، وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ يَبْقَى نَوْعُ تَعَلُّقٍ هُوَ حَقُّ الْوَلَاءِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِاللُّزُومِ هَاهُنَا الِانْتِقَالُ فِي الْجُمْلَةِ لَا امْتِنَاعُ الِانْفِكَاكِ ثُمَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَوْ سَلَّمَ الِامْتِنَاعُ إطْلَاقَ الطَّلَاقِ عَلَى إزَالَةِ الْمِلْكِ بِطَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ أَوْ بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ لَكِنْ لِمَ لَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ إطْلَاقِ الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ إزَالَةُ قَيْدٍ مَخْصُوصٍ عَلَى الْمُطْلَقِ، وَهُوَ إزَالَةُ مُطْلَقِ الْقَيْدِ، وَالْمِلْكِ كَإِطْلَاقِ الْمِشْفَرِ عَلَى شَفَةِ الْإِنْسَانِ، وَالذَّوْقِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute