للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ} الآية إلى قوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} (١).

وفي حديث النواس بن سمعان (٢)، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في ضرب مثل الإسلام

بالصراط المستقيم الذي على جنبتيه سُوران، قال: «والسورانِ حُدودُ الله». وقد سبق ذكره بتمامه.

فكلُّ من أصاب شيئاً من محارم الله، فقد أصابَ حدودَه، وركبها، وتعدَّاها. وعلى تقدير أنْ يكونَ الحدُّ الذي أصابه كبيرةً، فهذا الرجل جاء نادماً تائباً، وأسلم نفسه إلى إقامةِ الحدِّ عليه، والنَّدمُ توبة، والتوبةُ تُكفِّرُ الكبائرَ بغير تردُّدٍ، وقد رُوي ما يُستدلُّ به على أنَّ الكبائر تكفرُ ببعض الأعمال الصالحة، فخرَّجَ الإمامُ أحمد والترمذيُّ من حديث ابن عمر: أنَّ رجلاً أتى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسولَ الله، إني أصبتُ ذنباً عظيماً، فهل لي من توبة؟ قالَ: «هل لك مِنْ أمٍّ؟» قالَ: لا، قالَ: «فهل لك من خالةٍ؟» قال: نعم، قال: «فبِرَّها»، وخرَّجه ابن حبان في

" صحيحه " والحاكم، وقال: على شرط الشيخين (٣)، لكن خرَّجه الترمذي من وجهٍ آخر مرسلاً، وذكر أنَّ المرسلَ أصحُّ من الموصول (٤)، وكذا قال

عليُّ بنُ

المديني والدارقطني (٥).

وروي عن عمرَ أنَّ رجلاً قال له: قتلتُ نفساً، قال: أمُّك حية؟ قال: لا، قال: فأبوك؟ قال: نعم، قال: فبِرَّه وأحسن إليه، ثم قال عمر: لو كانت أمُّه حيَّةً فبرَّها، وأحسن إليها، رجوتُ أنْ لا تطعَمه النارُ أبداً. وعن ابن عباس معناه أيضاً (٦).

وكذلك المرأة التي عَمِلَت بالسحر بدُومَة الجندلِ، وقدمت المدينةَ تسألُ عن


(١) النساء: ١٣ - ١٤.
(٢) في (ص): «العرباض بن سارية» ولعله سبق قلم من الناسخ.
(٣) أخرجه: أحمد ٢/ ١٤، والترمذي (١٩٠٤ م ١)، وابن حبان (٤٣٥)، والحاكم ٤/ ١٥٥.
(٤) أخرجه: الترمذي (١٩٠٤ م ٢)، وقال: «وهذا أصحُّ من حديث أبي معاوية».
(٥) بيان ذلك كله في كتابي " الجامع في العلل " يسر الله إتمامه وطبعه.
(٦) أخرجه: البخاري في " الأدب المفرد " (٤).

<<  <   >  >>