للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

استثناء «من تاب» فإنَّما استثناه من عقوبة الدنيا خاصة، فإنَّ عقوبة الآخرة تسقط بالتوبةِ قبل القُدرة وبعدها.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ومن أصابَ شيئاً مِنْ ذلك، فستره الله عليه، فهو إلى الله إنْ شاء عذَّبه، وإنْ شاء غفر له» (١) صريحٌ في أنَّ هذه الكبائر من لقي الله بها كانت

جتحتَ مشيئتِهِ، وهذا يدلُّ على أنَّ إقامةَ الفرائضِ لا تكفِّرها ولا تمحوها، فإنَّ عموم المسلمين يُحافظون على الفرائض، لاسيما مَنْ بايعهُم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وخرج مِنْ ذلك مَنْ لقي الله وقد تاب منها بالنُّصوص الدَّالَّةِ من الكتاب والسنة (٢) على أنَّ من تابَ إلى الله، تاب الله عليه، وغفر له، فبقى مَنْ لم يتُبْ داخلاً تحت المشيئة.

وأيضاً، فيدلُّ على أنَّ الكبائرَ لا تكفِّرُها الأعمالُ: إنَّ الله لم يجعلْ للكبائر في الدُّنيا كفَّارةً واجبةً، وإنَّما جعلَ الكفارةَ للصغائر ككفَّارةِ وطءِ المُظاهِرِ، ووطءِ المرأة في الحيض على حديث ابن عباس الذي ذهب إليه الإمامُ أحمد وغيرُه (٣)، وكفارة من

ترك شيئاً من واجبات الحج، أو ارتكاب بعضَ محظوراته، وهي أربعةُ أجناس: هديٌ، وعِتقٌ، وصدقةٌ، وصيامٌ، ولهذا لا تجب الكفارة في قتل العمدِ عندَ جمهور العلماءِ (٤)، ولا في اليمين الغموس أيضاً عند أكثرهم، وإنَّما يؤمرُ القاتلُ بعتق رقبة استحباباً، كما في حديث واثلة بن الأسقع: أنَّهم جاؤوا إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في صاحبٍ لهم قد أوجب، فقال: «اعتِقُوا عنه رقبةً يعتقه الله بها مِن النار» (٥). ومعنى أوجب: عَمِلَ عملاً يجب له به النارُ، ويقال: إنَّه كان قتل قتيلاً. وفي

" صحيح مسلم " (٦) عن ابنِ


(١) سبق تخريجه.
(٢) سقطت من (ص).
(٣) انظر: المغني لابن قدامة ١/ ٣٨٤، والواضح ١/ ١٥٦.
(٤) انظر: الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢/ ٨٤٣، والمغني والشرح الكبير ١٠/ ٣٨
(٧٠٥٤).
(٥) أخرجه: أحمد ٣/ ٤٩٠ - ٤٩١ و ٤/ ١٠٧، وأبو داود (٣٩٦٤)، وابن حبان (٤٣٠٧)، والطبراني في " الكبير " ٢٢/ (٢١٨) و (٢١٩) و (٢٢٠) و (٢٢١) و (٢٢٢) وفي
" مسند الشاميين "، له (٣٧) - (٤٢)، والحاكم ٢/ ٢١٢، والبيهقي ٨/ ١٣٢ - ١٣٣، والبغوي (٢٤١٧)، وإسناده ضعيف لجهالة الغريف الديلمي.
(٦) أخرجه: مسلم ٥/ ٨٩ (١٦٥٧) (٢٩) (٣٠).

<<  <   >  >>