للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاء به، والجليل يعتله «١١٧» ... منقلبا رأسه على ذنبه

فقال: والله إنه لشاعر، ولكن تمادى به حبّ البديع حتّى أغرق فيه.

حدثنى علىّ بن أبى عبد الله الفارسى، قال: أخبرنى أبى، قال: حدثنى أحمد بن أبى طاهر، قال: أخبرونا عن عبد الله بن سلمة بن عيّاش، قال: بينا أنا أسير فى طريق أصبهان فإذا أنا برجل عليه فرو جالس إلى العين فى المنزل، فقال لى: ممن الرجل؟

فقلت: من أهل البصرة. قال: أنشدنى لأبى نواسكم شيئا، فإنه لو كشف استه كان أحسن من قوله «١١٨» :

وجه جنان أسراى بستان ... جمّع فيه من كلّ ألوان

قال: فأنشدته له، وسألته عن اسمه؛ فقال: كلثوم بن عمرو العتّابى.

حدثنى أبو عبد الله محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثنى يموت بن المزرّع بن يموت، قال: حدثنى أبى، قال: إنى لفى يوم من أيامى بالمربد إذ أقبل رجل على راحلة، فتشوّف له النّاس. فقلت: من هذا؟ فقالوا: محمد بن مناذر. فعدلت إليه فقلت: سلام عليك أبا عبد الله! قال: ومن أنت؟ قلت: أنا ابن يموت العبدى.

قال: كيف حالك؟ قلت: بخير! قال: من شاعر العراق اليوم؟ قلت: الحسن بن هانئ، قال: أفّ لك؟ هو الذى يقول:

فلو قد زرتنا بين ... سماع وقواقيز

شربنا أبدا صرفا ... على وجهك بالكوز

أفّ لكم! قلت: أبا عبد الله إن فى الحسن دعابة، وهو الذى يقول «١١٩» :

فقلت لها، واستعجلتها بوادر ... جرت فجرى فى جريهنّ عبير

ذرينى «١٢٠» أكثّر حاسديك برحلة ... إلى بلد فيه الخصيب أمير

فقال لى: خير هذا بشّر ذاك.

<<  <   >  >>