للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر الصّبوح بسحرة فارتاحا ... وأملّه ديك الصباح صياحا

فقال له مسلم: قف عند حجّتك، لم أملّه صياحا وهو يبشّره بالصبوح الذى ارتاح له؟ فانقطع أبو نواس انقطاعا بيّنا، فجعل الجواب له معارضة، فقال له: أنشد أنت ما أحببت من شعرك! فأنشد مسلم:

عاصى الشباب فراح غير مفنّد ... وأقام بين عزيمة وتجلّد

فقال له أبو نواس: حسبك حيث بلغت! ذكرت أنه راح، والرواح لا يكون إلا بانتقال من مكان إلى مكان، ثم قلت:

وأقام بين عزيمة وتجلّد

فجعلته منتقلا مقيما. فانقطع مسلم. وتشاغبا وافترقا. قال ميمون: والبيتان جيّدان، ولكن قلّ من طلب عيبا إلّا وجده.

حدثنى على بن أبى عبد الله الفارسى، قال: أخبرنى أبى، قال: حدثنى أحمد بن أبى طاهر، قال: حدثنى أبو عبد الرحمن الضرير عبد الله بن يوسف السمرقندى الخارج مع سيّار بن رافع على المأمون- وكان راوية أديبا- قال: رأيت مسلم بن الوليد بجرجان، وهو يتولّاها مقدمى من مدينة السلام، فسألنى عمن خلّفت بها من الشعراء، فقلت له: خلفت بها كوفيّا وبصريّا قد غلبا على الشعراء؛ أمّا من الكوفيين فأبو العتاهية، وهو مقدّم عندهم. فقال: ومن أين يتقدم عندهم، وهو يقول:

رويدك يا إنسان لا أنت تقفز

أرأيت قوله: «تقفز» ! هل سكنت بين فكّى محسن قط. قلت: وأما من البصريين فالحسن بن هانئ؛ فإنه يتقدم عندهم جميع نظرائه فى فنون الشعر. فقال: ويحك! وكيف يكون كذلك، وهو يحيل فى كثير مما يقول، ويتخطّى صفة المخلوق إلى صفة الخالق عزّ وجل؟ قلت: مثل ماذا من قوله؟ قال: أمّا ما أحال فيه فقوله «١١٠» :

<<  <   >  >>