وختمنا هذا الكتاب بباب أتينا فيه بما روى من ذمّ ردىء الشعر وسفسافه «١» والمضطرب منه.
وعلى أنّ كثيرا مما أنكر فى الأشعار قد احتجّ له جماعة من النحويين وأهل العلم بلغات العرب، وأوجبوا العذر للشاعر فيما أورده منه، وردّوا قول عائبه والطاعن عليه؛ وضربوا لذلك أمثلة قاسوا عليها ونظائر اقتدوا بها؛ ونسبه بعضهم إلى ما يحتمله الشعر أو يضطرّ إليه الشاعر.
ولولا أنه لا يجوز أن نبى قولا على شىء بعينه ثم نعقّب بنقضه فى تضاعيفه لذكرنا الاحتجاج للشعراء فى هذا الكتاب؛ ولكنّا نفرد له رسالة إن شاء الله.
ونعوذ بالله من التشاغل بغير ما قّرب منه وأدّى إلى طاعته؛ ونسأله التوفيق لأرشد الأمور وأحسنها بديئا وعاقبة بمنّه وكرمه وهو حسبنا ونعم الوكيل وقد ذكر جماعة من شعراء الإسلام ومن تبعهم فى أشعارهم عدولهم عما أنكر على من تقدّمهم من هذه العيوب التى تقدّم ذكرها؛ فقال ذو الرّمة «٢» :
وشعر قد أرقت له طريف «٣» ... أجنّبه المساند والمحالا
وقال جرير:
فلا إقواء إذ مرس «٤» القوافى ... بأفواه الرّواة ولا سنادا
وقال عدىّ بن الرّقاع [٣]«٥» :
وقصيدة قد بتّ أجمع بينها ... حتى أقوم ميلها وسنادها
نظر المثقّف فى كعوب قناته ... حتى يقيم ثقافه منآدها «٦»