والأب لا يستوجب السعاية على ولده بالإعتاق، وتكون الجارية نصفها أم ولد للذي عتق، ونصفها أم ولد للآخر؛ لأن استيلاد الأمة، وإن كان لا يتجزأ لكن الجارية لما حرم بيعها بدعوة الولد خرجت من أن تكون محلا للتملك، فتعذر تكميل الاستيلاد، كالمدبرة بين اثنين إذا استولدها أحدهما.
وعند أبي يوسف ومحمد إذا أدى أحدهما عتق، وعتق معه كل الولد؛ لأن عندهما الإعتاق لا يتجزأ، ولا يجب ضمان، ولا سعاية؛ لما قلنا لأبي حنيفة، وتصير الجارية كلها أم ولد للذي عتق، لوجود الاستيلاد في محل لم يثبت فيه حق الحرية، وحرمة البيع بدون حق الحرية لا تمنع تكامل الاستيلاد، كما في المرهونة والمؤجرة، ويضمن الذي عتق لشريكه نصف قيمتها؛ لأنها لما صارت أم ولد له صار متملكا نصيب شريكه، فيضمن نصف قيمتها، موسرا كان أو معسرا.
فإن عجز الآخر بعد ذلك عن أداء بدل الكتابة، الآن تصير الجارية أم ولد للذي عتق في قول أبي حنيفة؛ لأن المانع من تكميل الاستيلاد قبل العجز بقاء الكتابة في نصف الولد ببقاء كتابة الآخر، فإذا عجز، وانفسخت الكتابة فيه، وفي نصف الولد، وصار كأن لم يكن، زال المانع من التكميل، فتصير كلها أم ولد للذي عتق، ويغرم نصف قيمتها لمولى العاجز، موسرا كان أو معسرا، ولا يضمن الذي أدى بدل الكتابة شيئًا من قيمة الولد؛ لأنَّه حين عتق نصف الولد بأداء الأول لم يجب عليه الضمان لما قلنا، فلا يجب بعده، كالعبد بين اثنين إذا أعتقه أحدهما، وهو معسر ثم أيسر، ويسعى الولد في نصف قيمته لمولى المكاتب الذي عجز؛ لأنَّه لما انفسخت كتابة العاجز، ونصف الولد كان مكاتبا معه، انفسخت الكتابة أيضا في نصف الولد، وعاد نصف الولد لمولى العاجز، وقد احتبس حقه عند الولد، فيسعى له، وإن لم يكن الاحتباس بصنعه، كالريح إذا هبت بثوب إنسان، وألقته في صبغ الغير.