للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند أبي يوسف هو بيع فاسد، فيأخذه بقيمة العين، وإن اشتراه ذميّ بخمر أو خنزير، أخذه بقيمة الخمر والخنزير، لأن البدل غير متقوّم في حق المالك القديم، متقوّم في حق المأخوذ منه، فلا يأخذه بعين ذلك العوض، ويأخذ بقيمته، ويجوز أن يكون خمر الذمي وخنزيره متقوّما على المسلم، [ومضمونا عليه] (١)، كما في الغصب.

وإن اشتراه مسلم منهم بثوب، أخذه المالك القديم بقيمة الثوب، لأن مثل الثوب قيمته، والقاضي في تقويمه بالخيار: إن شاء قضى بالدراهم، وإن شاء قضى بالدنانير لانعدام الربا، وإن اشتراه مسلم أو نصراني بدراهم أكثر من وزنه، يأخذه المالك القديم بمثل تلك الدراهم، وذكر في موضع آخر أنه يأخذه بقيمته.

وجه تلك الرواية: أنّ هذا احتيال لأخذ أموالهم في قول أبي حنيفة ومحمد، وليس ببيع حقيقةً، فصار كما لو وهبوه له. وعند أبي يوسف هو بيع فاسد فيأخذه بقيمته.

وجه ما ذكر هنا أنه مفاداة، و "المفاداة": إنما تكون بإعطاء ما بذله صاحب اليد، ليخرج من يده، فيعود إليه قديم ملكه.

ولو أسر العدو عبدا لذمي، فاشتراه رجل منهم ذمي بخمر، أخذه المالك القديم بمثل الخمر، فإن قضى القاضي له بذلك، ثم أسلم الذمي الذي اشتراه منهم أو المالك القديم، لا يبطل ذلك القضاء، لما ذكرنا أنه مفاداة، وليس بتملك مبتدأ، فلا يتوقّف تمامه على التسليم بخلاف الشفعة، إلا أنه يلزمه قيمة الخمر، لأن الموجِب لتسليم الخمر قائم، وقد عجز عن التسليم بحكم الإسلام، فتجب القيمة كما في الغصب.

ولو قضى القاضي للمالك القديم بأخذه، كان للمتملك من العدوّ أن يحبسه حتى


(١) ما بين المعكوفتين زيادة من (ج) و (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>