للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَوْ سَجَدَ وَحْدَهُ كَانَ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ، وَلَوْ تَابَعَهُ الْإِمَامُ يَنْقَلِبُ الْأَصْلُ تَبَعًا.

(وَمَنْ سَهَا عَنْ الْقَعْدَةِ الْأُولَى ثُمَّ تَذَكَّرَ وَهُوَ إلَى حَالَةِ الْقُعُودِ أَقْرَبُ عَادَ وَقَعَدَ وَتَشَهَّدَ) لِأَنَّ مَا يَقْرُبُ مِنْ الشَّيْءِ يَأْخُذُ حُكْمَهُ، ثُمَّ قِيلَ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ

أَمَّا مَا ذَكَرْت آنِفًا أَنَّ الْمُحَالَفَةَ إنَّمَا لَا تَجُوزُ فِيمَا لَزِمَ بِشَيْءٍ بَاشَرَهُ الْإِمَامُ وَتَعَدَّى إلَى الْمُؤْتَمِّ وَهَاهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمُخَالَفَةُ إنْ كَانَتْ لِأَمْرٍ بَاشَرَهُ الْمُؤْتَمُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ. فَالْجَوَابُ إنَّا قُلْنَا إنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيمَا لَزِمَ بِشَيْءٍ بَاشَرَهُ الْإِمَامُ لَمْ تَجُزْ، وَلَمْ نَقُلْ إنَّ فِيمَا بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ جَازَتْ الْمُخَالَفَةُ. وَاَلَّذِي يَحْسِمُ هَذِهِ الْمَادَّةَ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ إنْ كَانَتْ لِإِتْمَامِ الْفَرْضِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ جَازَتْ بِالنَّصِّ لِقَوْلِهِ «وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» وَقَوْلِهِ «أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ» وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَتْ فِيمَا ثَبَتَ ابْتِدَاءً كَالْمَسَائِلِ التِّسْعِ الْمُتَقَدِّمَةِ جَازَتْ؛ لِأَنَّهَا كَلَا مُخَالَفَةَ حَيْثُ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالِاقْتِدَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ فِيمَا لَزِمَ عَمَّا بَاشَرَهُ أَحَدُهُمَا كَاَلَّتِي نَحْنُ فِيهَا لَمْ تَجُزْ لِأَدَائِهَا إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ الْمُنَافِي لِوَضْعِ الْإِمَامَةِ.

قَالَ (وَمَنْ سَهَا عَنْ الْقَعْدَةِ الْأُولَى) أَيْ وَمَنْ سَهَا عَنْ الْقَعْدَةِ الْأُولَى فِي الْفَرَائِضِ الرُّبَاعِيَّةِ أَوْ الثُّلَاثِيَّةِ (ثُمَّ تَذَكَّرَ) فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ بِأَنْ لَمْ يَرْفَعْ رُكْبَتَيْهِ، أَوْ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ بِأَنْ رَفَعَهُمَا (فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ عَادَ وَقَعَدَ وَتَشَهَّدَ لِأَنَّ مَا يَقْرُبُ مِنْ الشَّيْءِ يَأْخُذُ حُكْمَهُ) كَفِنَاءِ الْمِصْرِ لَهُ حُكْمُ الْمِصْرِ فِي حَقِّ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ.

وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ السَّجْدَةِ، فَقِيلَ يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ وَاجِبًا بِقَدْرِ مَا اشْتَغَلَ بِالْقِيَامِ، وَقِيلَ لَا يَسْجُدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا قَرُبَ مِنْ الشَّيْءِ يَأْخُذُ حُكْمَهُ فَصَارَ كَمَا إذَا لَمْ يَقُمْ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَمْ يَعُدْ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>