للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِقَوْلِهِ «وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ هَاءَ وَهَاءَ» مَعْنَاهُ يَدًا بِيَدٍ، وَسَنُبَيِّنُ الْفِقْهَ فِي الصَّرْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ (وَمَا سِوَاهُ مِمَّا فِيهِ الرِّبَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّعْيِينُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّقَابُضُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ).

لَهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ «يَدًا بِيَدٍ» وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْبَضْ فِي الْمَجْلِسِ فَيَتَعَاقَبُ الْقَبْضُ وَلِلنَّقْدِ مَزِيَّةٌ

لِقَوْلِهِ عَقْدُ الصَّرْفِ؛ وَمَعْنَى يُعْتَبَرُ يَجِبُ لِقَوْلِهِ «الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ هَاءَ وَهَاءَ» مَعْنَاهُ يَدًا بِيَدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ دَلَالَتُهُ عَلَى الْوُجُوبِ. وَهَاءَ مَمْدُودٌ عَلَى وَزْنِ هَاعَ وَمَعْنَاهُ خُذْ: أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ هَاءَ فَيَتَقَابَضَانِ، وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ يَدًا بِيَدٍ جَرًّا إلَى إفَادَةِ مَعْنَى التَّعْيِينِ كَمَا نُبَيِّنُ (وَمَا سِوَى جِنْسِ الْأَثْمَانِ) مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ (يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّعْيِينُ دُونَ الْقَبْضِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ) أَيْ فِي كُلِّ مَطْعُومٍ سَوَاءٌ بِيعَ بِجِنْسِهِ كَبَيْعِ كَرِّ حِنْطَةٍ بِكَرِّ حِنْطَةٍ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَكَرِّ حِنْطَةٍ بِشَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ، فَإِنَّهُ إذَا افْتَرَقَا لَا عَنْ قَبْضٍ فَسَدَ الْعَقْدُ عِنْدَهُ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ «يَدًا بِيَدٍ» وَالْمُرَادُ بِهِ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَسْتَلْزِمُهَا لِكَوْنِهَا آلَةً لَهُ فَهِيَ كِنَايَةٌ، وَبِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْبَضْ فِي الْمَجْلِسِ يَتَعَاقَبُ الْقَبْضُ وَلِلنَّقْدِ مَزِيَّةٌ. فَتَثْبُتُ شُبْهَةُ الرِّبَا كَالْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ (وَلَنَا أَنَّهُ مَبِيعٌ مُتَعَيِّنٌ)؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَكُلُّ مَا هُوَ مُتَعَيِّنٌ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا أَيْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ الْمَطْلُوبَةَ بِالْعَقْدِ إنَّمَا هِيَ التَّمَكُّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَذَلِكَ يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّعْيِينِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا وَجَبَ الْقَبْضُ فِي الصَّرْفِ. أَجَابَ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الصَّرْفِ، فَإِنَّ الْقَبْضَ فِيهِ يَتَعَيَّنُ بِهِ فَإِنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْعُقُودِ.

قَوْلُهُ: (وَمَعْنَى قَوْلِ ) جَوَابٌ عَنْ اسْتِدْلَالِ الْخَصْمِ بِالْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ مَعْنَاهُ عَيْنًا بِعَيْنٍ لَمْ يَبْقَ دَلِيلًا لَهُ عَلَى الْقَبْضِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ «عَيْنًا بِعَيْنٍ». وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّعْيِينِ وَالْقَبْضِ جَمِيعًا الْمَدْلُولَ عَلَيْهِمَا بِالرِّوَايَتَيْنِ مُنْتَفٍ بِالْإِجْمَاعِ الْمُرَكَّبِ، أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الشَّرْطَ هُوَ التَّعْيِينُ دُونَ الْقَبْضِ وَأَمَّا عِنْدَهُ فَبِالْعَكْسِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. وَقَوْلُهُ: (يَدًا بِيَدٍ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّهُ آلَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>