لِأَنَّ الْمَدَّ فِي أَوَّلِهِ خَطَأٌ مِنْ حَيْثُ الدِّينُ لِكَوْنِهِ اسْتِفْهَامًا، وَفِي آخِرِهِ لَحْنٌ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ (وَيَعْتَمِدُ بِيَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيُفَرِّجُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ) لِقَوْلِهِ ﵊ لِأَنَسٍ ﵁ «إذَا رَكَعْتَ فَضَعْ يَدَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ وَفَرِّجْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ» وَلَا يُنْدَبُ إلَى التَّفْرِيجِ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِيَكُونَ أَمْكَنَ مِنْ الْأَخْذِ، وَلَا إلَى الضَّمِّ إلَّا فِي حَالَةِ السُّجُودِ وَفِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ يُتْرَكُ عَلَى الْعَادَةِ (وَيَبْسُطُ ظَهْرَهُ) لِأَنَّ «النَّبِيَّ ﵊ كَانَ إذَا رَكَعَ بَسَطَ ظَهْرَهُ»،
أَيْ لَا يَمُدُّ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْمَدِّ (؛ لِأَنَّ الْمَدَّ فِي أَوَّلِهِ خَطَأٌ مِنْ حَيْثُ الدِّينُ لِكَوْنِهِ اسْتِفْهَامًا) فَيَكُونُ شَاكًّا فِي كِبْرِيَاءِ اللَّهِ وَهُوَ كُفْرٌ إذَا تَعَمَّدَ (وَفِي آخِرِهِ لَحْنٌ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ) أَيْ عُدُولٌ عَنْ سُنَنِ الصَّوَابِ فِي اللُّغَةِ؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَا يَحْتَمِلُ الْمَدَّ لُغَةً، فَإِنْ فَعَلَ لَا يَكُونُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِنَا، وَهُوَ قَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ: وَتَفْصِيلُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهُ أَكْبَرُ مُرَكَّبٌ مِنْ لَفْظَيْنِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوَّلٌ وَآخِرُ وَمَدُّ الْأَوَّلِ مِنْ الْأَوَّلِ عَمْدًا كُفْرٌ لِشَكِّهِ فِي كِبْرِيَائِهِ وَغَيْرِ عَمْدٍ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّقْرِيرِ فَلَا يَكُونُ هُنَاكَ لَا كُفْرٌ وَلَا فَسَادٌ، وَمَدُّ الْآخِرِ مِنْهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ إشْبَاعٌ وَالْحَذْفُ أَوْلَى، وَمَدُّ الْأَوَّلِ مِنْ الْآخَرِ عَمْدًا كَمَدِّ الْأَوَّلِ مِنْ الْأَوَّلِ. وَمَدُّ الْآخِرِ مِنْهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسُدُ الصَّلَاةُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَفْسُدُ وَيُجْزَمُ الرَّاءُ مِنْ التَّكْبِيرِ لِمَا رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَمَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ «الْأَذَانُ جَزْمٌ وَالْإِقَامَةُ جَزْمٌ وَالتَّكْبِيرُ جَزْمٌ» وَقَوْلُهُ: (وَيُعْتَمَدُ بِيَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ: (إلَّا فِي حَالَةِ السُّجُودِ) يَعْنِي أَنَّهُ يُضَمُّ فِيهَا لِتَقَعَ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ مُوَاجِهَةً لِلْقِبْلَةِ. وَقَوْلُهُ: (وَفِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا وَرَاءَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ حَالَةُ الِافْتِتَاحِ وَالتَّشَهُّدِ (يُتْرَكُ عَلَى الْعَادَةِ) أَيْ لَا يُضَمُّ كُلَّ الضَّمِّ وَلَا يُفَرَّجُ كُلَّ التَّفْرِيجِ.
وَقَوْلُهُ: «لِأَنَّ النَّبِيَّ ﵊ كَانَ إذَا رَكَعَ بَسَطَ ظَهْرَهُ» رَوَتْ «عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّهُ كَانَ يَعْتَدِلُ بِحَيْثُ لَوْ وُضِعَ عَلَى ظَهْرِهِ قَدَحٌ مِنْ مَاءٍ لَاسْتَقَرَّ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute