للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَوْقُوفٌ بِالِاتِّفَاقِ كَالْمُفَاوَضَةِ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ الْمُسَاوَاةَ وَلَا مُسَاوَاةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْمُرْتَدِّ مَا لَمْ يُسْلِمْ. وَمُخْتَلَفٌ فِي تَوَقُّفِهِ وَهُوَ مَا عَدَدْنَاهُ. لَهُمَا أَنَّ الصِّحَّةَ تَعْتَمِدُ الْأَهْلِيَّةَ وَالنَّفَاذَ يَعْتَمِدُ الْمِلْكَ، وَلَا خَفَاءَ فِي وُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ لِكَوْنِهِ مُخَاطَبًا، وَكَذَا الْمِلْكُ لِقِيَامِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ، وَلِهَذَا لَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ الرِّدَّةِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ يَرِثُهُ وَلَوْ مَاتَ وَلَدُهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ قَبْلَ الْمَوْتِ لَا يَرِثُهُ فَتَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ.

إلَّا أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَصِحُّ كَمَا تَصِحُّ مِنْ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَوْدُهُ إلَى الْإِسْلَامِ، إذْ الشُّبْهَةُ تُزَاحُ فَلَا يُقْتَلُ وَصَارَ كَالْمُرْتَدَّةِ.

وَلَا مُحَرَّفَةٌ، وَقَدْ حُكِمَ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِمْ وَلِهَذَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَجَرَيَانِ التَّوَارُثِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْهُمْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِلَّةِ مَا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ نِكَاحًا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ وَيَجْرِي بِهِ التَّوَارُثُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّ مَا هُوَ الْغَرَضُ مِنْ النِّكَاحِ يَحْصُلُ عِنْدَ ذَلِكَ وَهُوَ التَّوَالُدُ وَالتَّنَاسُلُ، وَالْمُرْتَدُّ وَالْمُرْتَدَّةُ لَيْسَا عَلَى تِلْكَ الْمِلَّةِ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهُمَا، لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ وَالْمُرْتَدَّةُ تُحْبَسُ فَكَيْفَ يَتِمُّ لَهُمَا هَذِهِ الْأَغْرَاضُ مِنْ النِّكَاحِ، بِخِلَافِ الْمَجُوسِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ فَإِنَّهُمْ دَانُوا دِينًا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَبَعْدَهُ إنْ لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ مِنْ مَحَارِمِهِ فَكَانَتْ الْمَصَالِحُ مُنْتَظِمَةً. وَقَوْلُهُ (كَالْمُفَاوَضَةِ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ إنْ فَاوَضَ مُسْلِمًا تَوَقَّفَ، فَإِنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ الْمُفَاوَضَةُ وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَوْ قَضَى بِلِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ بِالِاتِّفَاقِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا عَدَدْنَاهُ) يَعْنِي قَوْلَهُ وَمَا بَاعَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ إلَخْ. وَقَوْلُهُ (عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ يَحْتَاجُ إلَخْ. وَقَوْلُهُ (وَلِهَذَا لَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ الرِّدَّةِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) تَوْضِيحٌ لِوُجُودِ مِلْكِ الْمُرْتَدِّ: يَعْنِي فَلَوْ كَانَ الْمِلْكُ زَائِلًا لِمَا وَرِثَهُ هَذَا الْوَلَدُ لِكَوْنِ عُلُوقِهِ بَعْدَ الِارْتِدَادِ. وَقَوْلُهُ (وَلَوْ مَاتَ وَلَدُهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ) يَعْنِي لَوْ مَاتَ وَلَدُهُ الْمَوْلُودُ قَبْلَ الرِّدَّةِ بَعْدَهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُرْتَدِّ لَا يَرِثُهُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِلْكُهُ قَائِمًا بَعْدَ الرِّدَّةِ لَوَرِثَهُ هَذَا الْوَلَدُ لِأَنَّهُ كَانَ حَيًّا وَقْتَ رِدَّةِ الْأَبِ، فَإِذَا ثَبَتَ وُجُودُ الْأَهْلِيَّةِ وَقِيَامُ الْمِلْكِ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لَكِنْ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>