للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأشار - رحمه الله سبحانه وتعالى - بالبيتين الأخيرين، إلى أن القلب ينقسم إلى ثلاثة أنواع، ويمكن القول بانقسامه إلى أربعة، لأن أول الثلاثة - وهو ما يذكره المعترض لتصحيح مذهبه - نوعان: لأن المستدل قد يصرح بمذهبه في دليله، وقد لا يصرح به.

أما أولهما: فكقول الشافعية في بيع الفضولي: عقد في حق الغير، بلا ولاية، ولا استنابة، فلا يصح، كما إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه.

فيقول المعترض: عقد في حق الغير بلا ولاية، فيصح، كما إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه، فإنه يصح بالإجماع في حق العاقد.

وأما الثاني فكقول الحنفي: الاعتكاف: لبث في محل مخصوص، فلا يكون قربة بنفسه، كالوقوف بعرفة، وغرضه التعرض لاشتراط الصوم فيه، ولكنه لم يتمكن من التصريح باشتراطه، إذ لو صرح به لم يجد أصلا، فيقول الشافعي: لبث في محل مخصوص، فلا يشترط فيه الصوم كالوقوف بعرفة.

وإلى هذا أشار - رحمه الله سبحانه وتعالى - بقوله: فمنه ما صحح البيت.

النوع الثاني من القلب ما كان لإبطال مذهب المستدل، من غير تعرض لإثبات مذهبه ـ أعني المعترض ـ ويكون الإبطال أحيانا مدلولا عليه بالالتزام، وهو المراد بقول الشيخ - رحمه الله سبحانه وتعالى -: ومنه ما يبطل بالتزام.

وأحيانا يصرح به، وهو المراد بقوله - رحمه الله سبحانه وتعالى -: أو الطباق، أي: المطابقة.

ومثال أولهما: قول مجيز بيع الغائب إذا اشترط فيه خيار الرؤية: عقد معاوضة، فيصح مع الجهل بالعوض كالنكاح، فإنه يصح مع الجهل بالزوجة، فيقول المعترض: فلا يشترط فيه خيار الرؤية كالنكاح، ونفي الاشتراط يلزمه نفي الصحة، إذ القائل بها يقول بالاشتراط.

ومثال ثانيهما: قول الحنفي الذي يرى كفاية مسح الربع في مسح الرأس، في الرد على الشافعي، الذي يكتفي بأقل ما يصدق عليه اسم المسح: عضو وضوء، فلا يكفي فيه أقل ما يصدق عليه الاسم، كالوجه.

فيقول الشافعي: عضو وضوء، فلا يتقدر مسحه بالربع، كالوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>