وهذا هو النقض بعينه، والفرق بين هذا وبين ما سبق، أن السابق في التعليل بالمظنة، وهذا في التعليل بالحكمة.
وهذا النوع هو مراد الشيخ - رحمه الله سبحانه وتعالى - بالبيت الأول، إلا أنه وقع في عبارته عنه قلب، فعبر عنه بتخلف الحكمة عن الوصف، ومراده تخلف الحكم عن الحكمة، وقد تقدم الكلام على تخلف الحكمة عن المظنة في قوله:
وفي ثبوت الحكم عند الانتفا ................. ألبيت
وقد بين ذلك في الحلي، وهو جد ظاهر.
مبحث القدح بعدم العكس
وعدم العكس مع اتحاد … يقدح دون النص بالتمادي
من القوادح كذلك عدم العكس، وهو وجود الحكم بدون العلة، والقدح به إنما هو عند من يمنع تعدد العلة لحكم واحد بالنوع، وأما على جوازه وهو المعول - كما تقدم - فليس بقادح، لأن العلل الشرعية يخلف بعضها بعضا.
ومحل القدح به ما لم يكن ثبوت الحكم عند انتفاء العلة بتوقيف، كما قال إمام الحرمين - رحمه الله سبحانه وتعالى -.
قال الزركشي - رحمه الله سبحانه وتعالى - في البحر: قال إمام الحرمين - رحمه الله سبحانه وتعالى -: إذا قلنا إن اجتماع العلل على معلول واحد غير واقع، فالعكس لازم، ما لم يثبت الحكم عند انتفاء العلة بتوقيف، لكن لا يلزم المستدل بيانه، بخلاف ما ألزمناه مثله في النقض، لأن ذلك داع إلى الانتشار، وسببه أن إشعار النفي بالنفي، منحط عن إشعار الثبوت بالثبوت، ولهذا لو فرضنا عللا، لكان إشعار كل واحدة بنفي الحكم، كإشعار جزء العلة بالحكم، لا كإشعار العلة المستقلة به، وزوالها لزوال الترجيح، والذي أبطل العلة إذا امتنع الطرد بتوقيف، لا يبطلها إذا امتنع العكس بتوقيف، فليتلمح الطالب تفاوت المراتب اهـ