للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل هما سواء.

قال في البحر: قيل: والفاء إذا امتنع كونها للعطف، تعين للسبب، والمانع للعطف أنها متى قدرت له الواو اختل الكلام، كقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " من أحيا أرضا ميتة فهي له " (١) لأنها لو كانت عاطفة بمعنى الواو، لتضمنت الجملة معنى الشرط بلا جواب.

وهذا مبني على حصر الفاء في التعليل والعطف، وهو ممنوع، بل هي في هذه المواضع جواب، أي: رابطة بين الشرط وجوابه، ولا يلزم من كون الأول شرطا كونه علة اهـ

وقوله: يتبع بالشبيه، معناه أنه يلحق بذلك ما يشبهه في الظهور في العلية.

وذلك كإن ـ بالكسر والتشديد ـ كقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " الثلث، والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس" (٢).

ومنهم من عدها من الإيماء، قال في التلويح: وأما كلمة إن بدون الفاء، مثل " إنها من الطوافبن " (٣) فالمذكور في أكثر الكتب، أنها من قبيل الصريح، لما ذكره الشيخ عبد القاهر - رحمه الله سبحانه وتعالى - أنها في مثل هذه المواقع تقع موقع الفاء، وتغني غناءها، وجعلها بعضهم من قبيل الإيماء، نظرا إلى أنها لم توضع للتعليل، وإنما وقعت في هذه المواقع، لتقوية الجملة التي يطلبها المخاطب، ويتردد فيها، ويسأل عنها، ودلالة الجواب على العلية إيماء لا صريح، وبالجملة كلمة إن مع الفاء، أو بدونها، قد تورد في أمثلة الصريح، وقد تورد في أمثلة الإيماء، ويعتذر عنه بأنه صريح باعتبار أن والفاء، وإيماء باعتبار ترتب الحكم على الوصف اهـ

ومراده بالصريح الظاهر.

ومن الظاهر أيضا إذ، كقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (وإذ لم يهتدوا به


(١) رواه أبو داوود والترمذي والإمام مالك والإمام أحمد، وهو حديث صحيح.
(٢) متفق عليه.
(٣) رواه أبوداوود والإمام أحمد، وهو حديث صحيح. ل

<<  <  ج: ص:  >  >>