للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اهـ

ويلي ذلك الباء، قال ابن مالك - رحمه الله سبحانه وتعالى -: وضابطه أن يصلح غالبا في موضعها اللام، نقله في البحر، نحو قوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (فبظلم من الذين هادوا).

ووجه تأخر الباء عن اللام، أن محامل اللام أقل من محامل الباء، قاله الأصفهاني - رحمه الله سبحانه وتعالى -.

قال: واللام وإن جاءت للاختصاص، فالتعليل لا يخلو عن الاختصاص، فكانت دلالة اللام أخص بالعلة نقله في البحر.

ويلي ذلك الفاء إذا علق بها الحكم على الوصف، ولا بد فيها من تأخرها، وهي نوعان:

أحدهما: أن تدخل على السبب والعلة، ويكون الحكم متقدما، كقوله عليه الصلاة والسلام في المحرم الذي وقصته ناقته: " لا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا " (١).

الثاني: أن تدخل على الحكم، وتكون العلة متقدمة، كقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) فالفاء للجزاء، والجزاء مستحق بالمذكور السابق، وهو السرقة - مثلا - لأن التقدير: إن سرق فاقطعوه.

ومن هذا القبيل قوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل)

وتقدم الفاء الواقعة في كلام الشرع كتابا أوسنة، على الواقعة في كلام الراوي، كقول عمران بن حصين - رضي الله سبحانه وتعالى عنه - سهى فسجد. (٢) وتقدم الواقعة في كلام الراوي الفقيه، على الواقعة في كلام الراوي الذي ليس بفقيه،


(١) متفق عليه.
(٢) رواه أبو داوود والترمذي وقال: حسن غريب، ورواه النسائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>