أو بعده أو جهل التاريخ، فلا تعارض حينئذ في حقه ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ بل يكون الفعل مخصصا لعموم القول، وإلى هذا أشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله:
في حقه القول بفعل خصا … إن يك فيه القول ليس نصا
واستظهر شيخ الإسلام ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ أن الحكم كذلك أيضا إذا لم يكن القول ظاهرا في الخصوص ولا في العموم، كأن يقول ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ: صوم عاشوراء واجب في كل سنة، وهو ظاهر لا خفاء فيه.
ولم يكن تعارض الأفعال … في كل حالة من الأحوال
معناه أنه لا تعارض بين فعل وفعل، تماثلا أو تخالفا، أمكن الجمع بينهما أو لا، إذ ليس للفعل عموم، فيجوز أن يكون الفعل في وقت واجبا، وفي مثله بخلاف ذلك.
قال في الإرشاد: هكذا قال جمهور أهل الأصول على اختلاف طبقاتهم، وحكى ابن العربي - رحمه الله سبحانه وتعالي - في كتاب المحصول له ثلاثة أقوال: الأول التخيير، الثاني تقديم المتأخر، كالأقوال إذا تأخر بعضها، الثالث حصول التعارض وطلب الترجيح من خارج.
قال: كما اتفق في صلاة الخوف، صليت على أربع وعشرين صفة، قال مالك والشافعي - رحمهما الله سبحانه وتعالى - إنه يرجح من هذه الصفات ما هو أقرب إلى هيئة الصلاة، وقدم بعضهم الأخير منها إذا علم.
وإن يك القول بحكم لامعا … فآخر الفعلين كان رافعا
والكل عند بعضهم صحيح … ومالك عنه رُوِي الترجيح
وحيث ما قد عدم المصير … إليه فالأولى هو التخيير
قوله ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: وإن يك القول البيت، معناه أنه إذا صحب الفعلين قول يدل على ثبوت الحكم، كان ذلك كتعارض الأقوال، فيكون المتأخر ناسخا، كقوله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ:" صلوا كما رأيتموني أصلي " مع صلاته صلاة الخوف على أحوال مختلفة، فتكون الهيئة الأخيرة ناسخة لما قبلها.
وذهب القاضي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ إلى صحة كل تلك الهيئات، وإليه أشار ـ