للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الجرجاني ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: من حكم النفي إذا دخل على كلام وكان في ذلك الكلام تقييد على وجه من الوجوه، أن يتوجه النفي إلى ذلك التقييد، دون أصل الفعل، فإذا قيل: لم يأت القوم مجتمعين، كان النفي متوجها إلى الاجتماع الذي هو قيد في الإتيان دون أصل الإتيان.

ولو قال قائل: لم يأت القوم مجتمعين، وكان لم يأته أحد منهم، لقيل له: لم يأتك أحد أصلا، فما معنى قولك: مجتمعين؟

فهذا مما لا يشك فيه عاقل، والتأكيد ضرب من التقييد اهـ

ونبه على أن محل ما ذكر في ما إذا تقدم النفي، إذا لم ينتقض النفي، فإن انتقض كقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا) فالاستغراق باق، ويكون لعموم السلب.

قال: وسببه أن النفي للمجهول، وما بعد إلا، لا تسلط للنفي عليه، لأنه مثبت، وهو في المفرغ مستند لما قبلها، وهو كل فرد، كما كان قبل دخول النفي والاستثناء اهـ

واستظهر خلاف ما تقدم من اختصاص " كل " بما ذكر، قال: بل ما دل على متعدد، أو مفرد ذي أجزاء كذلك.

فإذا قلت: ما رأيت رجالا، أو ما رأيت رجلين، أو ما أكلت رغيفا، أو ما رأيت رجلا وعمرا، كل ذلك سلب المجموع، لا لكل واحد، بخلاف ما لو تقدم السلب اهـ

ومنها: جميع، قال في الإرشاد بعد كلامه على كل: وإذا عرفت هذا في معنى كل، فقد تقرر أن لفظ جميع هو بمعنى كل الأفراد، وهو معنى قولهم: إنها للعموم الإحاطي.

وقيل: يفترقان من جهة كون دلالة كل على فرد بطريق النصوصية، بخلاف جميع، وفرقت الحنفية بينهما بأن " كلا " تعم الأشياء على سبيل الانفراد، و" جميع " تعمها على سبيل الاجتماع، وقد روي أن الزجاج حكى هذا الفرق عن المبرد.

قال في الإبهاج: ولا أدري كيف يستفاد العموم من لفظة " جميع " فإنها لا تضاف إلا إلى معرفة، تقول: جميع القوم، وجميع قومك، ولا تقول: جميع قوم، ومع التعريف بالألف واللام، أو الإضافة، يكون العموم مستفادا منها لا من لفظة " جميع " اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>