للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبو مسلم: معنى {لا تَقْرَبُوهَا} لا تتعرضوا لها بالتغيير كقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم} فيشمل جميع الأحكام ولا يخفى ما في الوجهين من التكليف والقول بأن تلك إشارة إلى الأحكام والحد إما بمعنى المنع أو بمعنى الحاجز بين الشيئين، فعلى الأول: يكون المعنى تلك الأحكام ممنوعات الله تعالى عن الغير ليس لغيره أن يحكم بشيء {فَلَا تَقْرَبُوهَا} أي لا تحكموا على أنفسكم أو على عباده من عند أنفسكم بشيء فإن الحكم لله تعالى عز شأنه وعلى الثاني: يريد أن تلك الأحكام حدود حاجزة بين الألوهية والعبودية، فالإله يحكم والعباد تنقاد، فلا تقربوا الأحكام لئلا تكونوا مشركين بالله تعالى لا يكاد يعرض على ذي لب فيرتضيه، وهو بعيد بمراحل عن المقصود كما لا يخفى» (١)

بعرض رأي الإمامين يتضح أن الإمام الرازي ذكر ثلاث توجيهات للمتشابه منها رأي الإمام أبو مسلم الأصفاني، وقد اتفق معه الإمام الألوسي في التوجيه الأول الذي قال عنه الإمام الرازي أنه الأحسن والأقوى، لكن الإمام الألوسي قال عن التوجيهين الآخريين (قول أبي مسلم الأصفهاني والقول الآخر) أن فيهما تكلف، وبعيد عن المقصود كما لا يخفى.

وقد اتفق علماء المتشابه اللفظي مع توجيهات الإمامين، باستثناء ما ذكره الإمام أبو مسلم الأصفهاني (٢).

١٠ - اختلف الإمامان في توجيه الفرق بين إبدال قوله تعالى: {مِنْ إِمْلَاقٍ}، بقوله تعالى: {خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ}، حيث قال الإمام الرازي: وقوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} أي من خوف الفقر أي من ذكر الخوف وقد صرح بذكر الخوف في قوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} (٣) والمراد منه النهي عن الوأد، إذ كانوا يدفنون البنات أحياء، بعضهم للغيرة، وبعضهم خوف الفقر، وهو السبب الغالب» (٤).


(١) روح المعاني، (١/ ٤٦٥).
(٢) يُنظر نص المسألة في كتب المتشابه اللفظي: درة التنزيل (١/ ٣٢٨ - ٣٣٠)، ملاك التأويل (١/ ٢٥٨ - ٢٦٠)، البرهان في توجيه متشابه القرآن (ص: ٢٨)، كشف المعاني في المتشابه من المثاني (ص: ١١٣)، فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن (ص: ٥٤).
(٣) سورة الإسراء، الآية: (٣١).
(٤) التفسير الكبير، (١٣/ ٢٤٥).

<<  <   >  >>