للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المشهور، ولهذا يقال فيه: نزل وأنزل وهذا أولى مما قيل: إن نزل يقتضي التدريج وأنزل يقتضي الإنزال الدفعي إذ يشكل عليه {لَوْلَا نُزّلَ عَلَيْهِ القرءان جُمْلَةً واحدة} (١) [الفرقان: ٣٢] حيث قرن نزل بكونه جملة، وقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى الكتاب} (٢) وذكر بعض المحققين لهذا المقام أن التدريج ليس هو التكثير بل الفعل شيئاً فشيئاً كما في تسلسل، والألفاظ لا بد فيها من ذلك فصيغة نزل تدل عليه، والإنزال مطلق لكنه إذا قامت القرينة يراد بالتدريج التنجيم، وبالإنزال الذي قد قوبل به خلافه، أو المطلق بحسب ما يقتضيه المقام» (٣).

بعرض رأي الإمامين يتضح أن الإمام الألوسي قد ذكر رأي الإمام الرازي واعترض عليه، ورجح توجيهًا آخر.

وقد أطال د/ فاضل السامرائي في ذكر الفرق بين (أنزل - نزَّل) ونقل رأي الإمام ابن الزبير وخلاصة ما ذكره: «"نَزَّل" يمكن أن يُستعمل لأكثر من معنى، فإن هذا الفعل قد يكون للتدرج والتكثير كما ذكرت، وقد يكون للمبالغة والاهتمام، فما استعمل فيه " نزَّل " يكون أهم وآكد مما استعمل فيه (أنزل)» (٤) ثم ذكر أمثلة كثيرة.

٣ - اختلف الإمامان في توجيه تكرار قوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (٥).

حيث قال الإمام الرازي: «يروى أن هذه الآية إنما نزلت، لأن الله تعالى لما أنزل قوله تعالى: {وَمَتّعُوهُنَّ} إلى قوله: {حَقّاً عَلَى المحسنين} (٦) قال رجل من المسلمين: إن أردت فعلت، وإن لم أرد لم أفعل، فقال تعالى: {وللمطلقات متاع بالمعروف حَقّاً عَلَى المتقين} يعني على كل من كان متقياً عن الكفر، واعلم أن المراد من المتاع هاهنا فيه قولان أحدهما: أنه هو المتعة، فظاهر


(١) سورة الفرقان، الآية: (٣٢).
(٢) سورة النساء، الآية: (١٤٠).
(٣) روح المعاني، (٢/ ٧٥).
(٤) بلاغة الكلمة في التعبير القرآني، د/ فاضل السامرائي، شركة العاتك لصناعة الكتاب للطباعة والنشر والتوزيع - القاهرة، الطبعة الثانية (ص: ٥٩ - ٦٥).
(٥) سورة البقرة، الآية: (٢٤١).
(٦) سورة البقرة، الآية: (٢٣٦).

<<  <   >  >>