للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حقيبة رَحْله، فوَاللَّه إِنَّه ليسير ليلتئذ سمعته وَهُوَ ينشد أبياته هَذِه: إِذا أدنيتني وَحَمَلْتِ رَحْلِي * مَسِيرَةَ أَرْبَعٍ بَعْدَ الْحِسَاءِ (١) فَشَأْنُكِ أَنْعُمٌ وَخَلَاكِ ذَمٌّ * وَلَا أَرْجِعْ إِلَى أَهْلِي وَرَائِي (٢) وَجَاءَ الْمُسْلِمُونَ وَغَادَرُونِي * بِأَرْضِ الشَّامِ مُشْتَهِيَ الثَّوَاءِ (٣) وَرَدَّكَ كُلُّ ذِي نَسَبٍ قَرِيبٍ * إِلَى الرَّحْمَنِ مُنْقَطِعَ الْإِخَاءِ هُنَالِكَ لَا أُبَالِي طَلْعَ بَعْلٍ * وَلَا نَخْلٍ أَسَافِلُهَا رِوَاءِ (٤) قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُهُنَّ مِنْهُ بَكَيْتُ، فَخَفَقَنِي بِالدِّرَّةِ وَقَالَ: مَا عَلَيْك يالكع أَنْ يَرْزُقَنِي اللَّهُ الشَّهَادَةَ وَتَرْجِعَ بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّحْلِ؟ ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فِي بَعْضِ سَفَرِهِ ذَلِكَ وَهُوَ يَرْتَجِزُ: يَا زَيْدُ زَيْدَ الْيَعْمَلَاتِ الذُّبَّلِ * تَطَاوَلَ اللَّيْلُ هُدِيتَ فَانْزِلِ (٥) * * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ مَضَى النَّاسُ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِتُخُومِ الْبَلْقَاءِ لَقِيَتْهُمْ جُمُوعُ هِرَقْلَ مِنَ الرُّومِ وَالْعَرَبِ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْبَلْقَاءِ يُقَالُ لَهَا مَشَارِفُ، ثُمَّ دَنَا الْعَدُوُّ وَانْحَازَ

الْمُسْلِمُونَ إِلَى قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا مُؤْتَةُ فَالتقى النَّاس عِنْدهَا، فتعبي لَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، فَجَعَلُوا عَلَى مَيْمَنَتِهِمْ رَجُلًا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ يُقَالُ لَهُ قُطْبَةُ بْنُ قَتَادَةَ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِمْ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ عَبَايَة بن مَالك.


(١) الحساء: سهل من الارض يستنقع فِيهِ المَاء، أَو غلظ فَوْقه رمل يجمع مَاء الْمَطَر.
(٢) شَأْنك أنعم: يُرِيد أَنه يريحها وَلَا يكلفها عناء السّفر بعد ذَلِك.
وَلَا أرجع: مجزوم على الدُّعَاء.
(٣) مشتهى الثواء: لَا يُرِيد رُجُوعا.
وَقد روى: مستنهى الثواء.
قَالَ السُّهيْلي: مستنهى الثواء: مستفعل من النِّهَايَة والانتهاء، أَي حَيْثُ انْتهى مثواه.
(٤) البعل: مَا يشرب بعروقه من الارض.
وأسافلها رواء: كَذَا فِي ابْن هِشَام، وَغير أ.
وَفِي أ: أساقيها ورائي.
(٥) اليعملات: النوق السريعة.
والذبل: الَّتِي أوهنها السّير.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>