للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا نُقَاتِلُهُمْ إِلَّا بِهَذَا الدِّينِ الَّذِي أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِهِ، فَانْطَلِقُوا فَإِنَّمَا هِيَ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، إِمَّا ظُهُورٌ وَإِمَّا شَهَادَةٌ.

قَالَ: فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ وَاللَّهِ صَدَقَ ابْنُ رَوَاحَةَ.

فَمَضَى النَّاسُ.

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فِي مَحْبِسِهِمْ ذَلِك: جلبنا الْخَيل من أجأ وَفرع * تعر من الْحَشِيش إِلَى الْعُكُومُ (١) حَذَوْنَاهَا مِنَ الصَّوَّانِ سِبْتًا * أَزَلَّ كَأَنَّ صَفْحَتَهُ أَدِيمُ (٢) أَقَامَتْ لَيْلَتَيْنِ عَلَى مَعَانٍ * فَأُعْقِبَ بَعْدَ فَتْرَتِهَا جُمُومُ (٣) فَرُحْنَا وَالْجِيَادُ مُسَوَّمَاتٌ * تَنَفَّسُ فِي مناخرها سموم (٤) فَلَا وَأَبِي مَآبَ لَنَأْتِيَنْهَا * وَإِنْ كَانَتْ بِهَا عَرَبٌ وَرُومُ فَعَبَّأْنَا أَعِنَّتَهَا فَجَاءَتْ * عَوَابِسَ وَالْغُبَارُ لَهَا بَرِيمُ (٥) بِذِي لَجَبٍ كَأَنَّ الْبِيضَ فِيهِ * إِذَا بَرَزَتْ قَوَانِسُهَا النُّجُومُ (٦) فَرَاضِيَةُ الْمَعِيشَةِ طَلَّقَتْهَا * أَسِنَّتُنَا فَتَنْكِحُ أَوْ تَئِيمُ (٧) قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ (٨) يَتِيمًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فِي حِجْرِهِ، فَخرج بِي فِي سَفَره ذَلِك مرد فِي


(١) أجأ: أحد جبلي طئ وَالْآخر سلمى.
وَفرع: أطول جبل بأجأ وأوسطه.
وتعر: تطعم وتشبع.
وَالرِّوَايَة عِنْد السُّهيْلي: تقر.
بِالْقَافِ، وَقَالَ: تقر أَي يجمع بَعْضهَا إِلَى بعض.
والعكوم: جمع عكم وَهُوَ الْجَانِب.
(٢) حذوناها: جعلنَا لَهَا نعالا من حَدِيد.
والصوان: حِجَارَة ملس، والسبت: النِّعَال الَّتِي تصنع
من الْجُلُود المدبوغة.
والازل: الاملس.
والاديم: الْجلد.
(٣) معَان: مَوضِع بِالشَّام.
والفترة: السّكُون والضعف.
والجموم: اجْتِمَاع الْقُوَّة.
(٤) سموم، بِضَم السِّين، جمع سم وهما عرقان فِي خيشوم الْفرس.
والسموم بِفَتْح السِّين: ريح حارة.
وَفِي ابْن هِشَام: فِي مناخرها السمُوم.
(٥) البريم: كل مَا فِيهِ لونان مختلطان، والدمع الْمُخْتَلط بالاثمد.
(٦) اللجب: اخْتِلَاط الاصوات من كَثْرَة الْجَيْش.
والقوانس: جمع قونس وَهُوَ أَعلَى بَيْضَة الْحَدِيد.
(٧) راضية الْمَعيشَة: العيشة اللينة المطمئنة.
تئيم: تبقى دون زوج - يُرِيد أَنهم قد تجافوا عَن الدعة والراحة.
(٨) أ: كَانَ.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>