للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُرِضَتْ عَلَيْنَا فَاشْتَهَيْنَا ذِكْرَهَا * مِنْ بَعْدِ مَا عرضت على الاحزاب حكما يَرَاهَا المجرمون برعمهم * حَرَجًا وَيَفْهَمُهَا ذَوُو الْأَلْبَابِ جَاءَتْ سَخِينَةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا * فَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلَّابِ! قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ الله ابْن الزُّبَيْرِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَمَّا سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْبَيْتَ: " لَقَدْ شَكَرَكَ اللَّهُ يَا كَعْبُ عَلَى قَوْلِكَ هَذَا ".

قُلْتُ: وَمُرَادُهُ بِسَخِينَةَ قُرَيْشٌ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِمْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ أَكْلِهِمُ الطَّعَامَ السُّخْنَ الَّذِي لَا يَتَهَيَّأُ لِغَيْرِهِمْ غَالِبًا مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي.

فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

* * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا: مَنْ سَرَّهُ ضَرْبٌ يُمَعْمِعُ بَعْضُهُ * بَعْضًا كَمَعْمَعَةِ الْأَبَاءِ الْمُحْرَقِ (١) فَلْيَأْتِ مَأْسَدَةً تَسُنُّ سُيُوفَهَا * بَيْنَ الْمَذَادِ وَبَيْنَ جذع الْخَنْدَقِ (٢) دَرِبُوا بِضَرْبِ الْمُعْلِمِينَ وَأَسْلَمُوا * مُهَجَاتِ أَنْفُسِهِمْ لِرَبِّ الْمَشْرِقِ فِي عُصْبَةٍ نَصَرَ الْإِلَهُ نَبِيَّهُ * بِهَمُ وَكَانَ بِعَبْدِهِ ذَا مَرْفَقِ فِي كُلِّ سابغة تخط فُضُولُهَا * كَالنَّهْيِ هَبَّتْ رِيحُهُ الْمُتَرَقْرِقِ (٣) بَيْضَاءَ مُحْكَمَةً كَأَنَّ قَتِيرَهَا * حَدَقُ الْجَنَادِبِ ذَاتَ شَكٍّ مُوثَقِ (٤) جدلاء يحفزها نجاذ مهند * صافي الحديدة صارم ذِي رونق (٥)


(١) المعمعة: صَوت النَّار فِيمَا عظم وكثف من القصباء.
والاباء: الْقصب واحدتها إباءة.
وَفِي الاصل: الاناء.
وَمَا أثْبته عَن ابْن هِشَام.
(٢) المذاد: مَوضِع بِالْمَدِينَةِ حَيْثُ حفر الخَنْدَق.
(٣) السابغة: الدرْع الوافية.
وفضولها: أطرافها.
وَالنَّهْي: الغدير.
والمترقرق: صفة للنَّهْي.
(٤) القتير: رُءُوس مسامير الدرْع.
وَالْجَنَادِب: الْجَرَاد.
وَالشَّكّ: النسج.
(٥) الجدلاء: الدرْع القوية الفتل.
ويحفزها: يرفعها، وَذَلِكَ أَن الدرْع إِذا طَالَتْ فضولها ربطوها بنجاد سيف.
والنجاد: حمائل السَّيْف.
(١٧ - السِّيرَة ٣) (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>