للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما لقوله: (وأعرض عن الجاهلين) فالمعني: أن من جهل عليك وتطاول عليك فأعرض عنه لاسيما إذا كان إعراضك ليس ذلا وخنوعا.

مثل عمر بن الخطاب إعراضه ليس ذلا ولا خنوعا، فهو قادر على أن يبطش بالرجل الذي تكلم، لكن امتثل هذا الأمر واعرض عن الجاهلين.

والجهل له معنيان:

أحدهما: عدم العلم بالشيء.

والثاني: السفه والتطاول، ومنه قول الشاعر الجاهلي:

ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين

أي لا يسفه علينا أحد ويتطاول علينا فنكون أشد منه، لكن هذا شعر جاهلي!! أما الأدب الإسلامي فإن الله تعالي يقول:) وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت: ٣٤) ، سبحان الله!! إنسان بينك وبينه عداوة أساء إليك، ادفع بالتي هي أحسن، فإذا دفعت بالتي هي أحسن ففورا يأتيك الثواب والجزاء: أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) ، وقوله (ولى حميم) أي قريب صديق في غاية ما يكون من الصداقة والقرب، والذي يقول هو الله عز وجل مقلب القلوب، ما من قلب من قلوب بني آدم إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل يصرفه كيف يشاء

فهذا الذي كان عدوا لك ودافعته بالتي هي أحسن، فإنه ينقلب بدل العداوة صداقة (وكأنه ولي حميم) .

فالحاصل أن هذه الآية الكريمة) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>