للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليتحلله منه اليوم- يعني في الدنيا - قبل ألا يكون دينار ولا درهم"، وذلك يوم القيامة، فإنه في الدنيا يمكن أن يتحلل الإنسان من المظالم التي عليه بأدائها إلى أهلها، أو استحلالهم منها، لكن في الآخرة ليس هناك شيء إلا الأعمال الصالحة، فإذا كان يوم القيامة أقتص من الظالم للمظلوم من حسناته؛ يؤخذ من حسناته التي هي رأس ماله في ذلك اليوم، فإن بقي منه شيء وإلا أخذ من سيئات المظلوم وحملت على الظالم والعياذ بالله، فازداد بذلك سيئات إلى سيئاته.

وظاهر هذا الحديث أنه يجب على الإنسان أن يتحلل من ظلم أخيه حتى في العرض، سواء علم أم لم يعلم، وذلك كأن المظالم إما أن تكون بالنفس، أو بالمال، أو بالعرض؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم".

فإن كانت بالنفس مثل أن يكون قد جني عليه، أو ضربه حتى جرحه، أو قطع عضواً من أعضائه، أو قتل له قتيلاً، فإنه يتحلل منه بأن يمكن صاحب الحق من القصاص، أو من بذل الدية إذا لم يكن القصاص.

أما إن كانت في المال فإنه يعطيه ماله، إذا كان عنده مال لأحد، فالواجب أن يعطيه صاحبه، فإن غاب عنه ولم يعرف مكانه وأيس منه فإنه يتصدق به عنه، والله سبحانه وتعالى يعلم ويؤدي إلى صاحب الحق حقه، وإن كان قد مات أي صاحب الحق، فإنه يوصله إلى ورثته؛ لأن المال بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>