صاحب بادية إبل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا رسول الله، إن زوجتي ولدت غلاماً أسود- يعني وأنا أبيض والمرأة بيضاء. من أين جاءنا هذا الأسود؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" هل لك من إبل؟ قال: نعم قال: " ما ألوانها؟ " قال: حمر. قال: " هل فيها من أورق؟ " يعني أسود ببياض. قال: نعم. قال" من أين جاءها ذلك؟ " قال: لعله نزعه عرق، يعني ربما يكون له أجداد أو جدات سابقة لونها هكذا، فنزعة هذا العرق، قال: " فابنك هذا لعله نزعه عرق"، لعل واحداً من أجداده أو جداته أو أخواله أو آبائه لونه أسود فجاء الولد عليه، فاقتنع الأعرابي تمام الاقتناع، لو جاءه النبي عليه الصلاة والسلام يشرح له شرحاً فهو اعرابي لا يعرف، لكن أتاه بمثال من حياته التي يعيشها، فانطلق وهو مقتنع.
وهكذا ينبغي لطالب العلم، بل ينبغي للمعلم أن يقرب المعاني المعقولة لأذهان الناس بضرب الأمثال المحسوسة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا الحديث إثبات القرعة وأنها جائزة. وقد وردت الآيات والأحاديث بالقرعة في موضعين من كتاب الله، في ستة مواضع من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، أما الموضعان من كتاب الله فالموضع الأول في سورة آل عمران:(وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ)(آل عمران: ٤٤) ، والموضع الثاني في سورة الصافات