السفينة " وإن أخذوا على أيديهم" ومنعوهم من ذلك " نجوا ونجوا جميعاً"، يعني نجا هؤلاء وهؤلاء.
وهذا المثل الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسمل هو من الأمثال التي لها مغزّى عظيم ومعنى عال، فالناس ف يدين الله كالذين في سفينة في لجة النهر، فهم تتقاذفهم الأمواج، ولابد أن يكون بعضهم إذا كانوا كثيرين في الأسفل وبعضهم في أعلى، حتى تتوازن حمولة السفينة وقد لا يضيق بعضهم بعض، وفيه أن هذه السفينة المشتركة بين هؤلاء القوم إذا أراد أحد منهم أن يخربها فإنه لابد أن يمسكوا على يديه، وأن يأخذوا على يديه لينجوا جميعاً، فإن لم يفعلوا هلكوا جميعاً، هكذا دين الله، إذا أخذ العقلاء وأهل العلم والدين على الجهال والسفهاء نجوا جميعاً وإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، كما قال الله تعالى:(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)(لأنفال: ٢٥) .
وفي هذا المثل دليلٌ على أنه ينبغي لمعلم الناس ا، يضرب لهم الأمثال، ليقرب لهم المعقول بصورة المحسوس، قال الله تعالى:(وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)(العنكبوت: ٤٣) ، وكم من إنسان تشح له المعنى شرحاً كثيراً وتردده عليه فلا يفهم، فإذا ضربت له مثلاً بشيء محسوس يفهمه ويعرفه.
وانظر إلى المثل العجيب الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من الأعراب،