للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد تكرر من بعضها ذكر الشعبي في فتنة المختار، وكأننا نلمس منها النكاية به، وأنه يدخل في سبب الفتن.

وأما متنها ففيه تناقض وإلا فكيف يعطي الحجاج هذا الجيش لابن الأشعث وهو لم يثق بولائه ويريد التخلص منه.

وقد عرض صاحب الكتاب بمجموعة من الفتن والمنكرات التي يدعي أن ابن الأشعث نقمها على الحجاج، وفيها مبالغة واضحة في حق ذلك القرن وأهله، وقد تكرر منه هذه الصياغة بقوله على لسان الحسين -رضي الله عنه-: (فإن السنة قد أُميتت)، وكأن سائر زمن بني أمية بهذه الأوصاف ولا شك أن هذا مِنْ تطريزِ الشيعة كما حكى ذلك ابن كثير (١).

ومما ورد في أسباب هذه الفتنة:

نأتي أولًا على السبب الذي جعل الحجاج يرسل قوة بهذا الحجم إلى سجستان ألا وهو ضياع أمر المسلمين في سجستان وهيمنة الترك على تلك البلاد وجرأتهم على المسلمين وذلك في ولاية عبيد الله بن أبي بكرة (٢) فقد منعه رتبيل زعيم الترك الإتاوة التي كان يؤديها للمسلمين، فعزم ابن أبي بكرة محاربته بعد أن كتب للحجاج بذلك، فقام بهذا الأمر ومعه قائد كان على أهل الكوفة وهو شريح بن هانئ (٣)، فحاربوا ملك الترك وأذلوه ثم إن شريح نهى

ابن أبي بكرة من التوغل، فلم ينته فتوغل وكاد أن يهلك، وطلب الصلح مع


(١) راجع نقد الرواية رقم (٤٣).
(٢) عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي، ابن صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبي بكرة -رضي الله عنه-، أحد الأجواد الكرام، تولى سجستان مرتين من خمسين إلى ثلاث وخمسين زمن معاوية -رضي الله عنه-، ثم في زمن الحجاج، توفي سنة ٧٩ هـ بسجستان. الذهبي: تاريخ الإسلام ٥/ ٤٧٩.
(٣) شريح بن هانئ الحارثي، فقيه فاضل، له رواية عن بعض الصحابة. الذهبي: السير ٤/ ١٠٩.

<<  <   >  >>