قال ابن جرير: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {قُل} يا محمد - لهؤلاء الذين جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا، ولشركائهم من الآلهة والأنداد مثله، والقائلين: هذه أنعام وحَرْث لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم، والمحرّمين من أنعام أُخر ظهورها، والتاركين ذكر اسم الله على أخر منها، والمحرّمين بعض ما في بطون بعض أنعامهم على إناثهم وأزواجهم، ومحلّيه لذكورهم، المحرَّمين ما رزقهم الله افتراءً على الله، وإضافة منهم ما يحرّمون من ذلك، إلى أن الله هو الذي حرّمه عليهم -: أجاءكم من الله رسول بتحريمه ذلك عليكم؟ فأنبئونا به، أم وصّاكم الله بتحريمه، مشاهدة منكم له، فسمعتم منه تحريمه ذلك عليكم، فحرّمتموه؟ فإنكم كذبتم إن ادعيتم ذلك، ولا يمكنكم دعواه، إذا ادّعيتموه، علم الناس كذبكم، فإني لا أجد فيما أوحي إليّ من كتابه وآي تنزيله شيئًا محرّمًا على آكل يأكله مما تذكرون أنه حرمه من هذه الأنعام، التي تضيفون تحريم ما حرّم عليكم منها
إلى الله، {إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً} قد ماتت بغير تذكية {أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} وهو: النصُب، أو إلا أن يكون:{لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً} ، يقول: أو إلا أن يكون فسقًا يعني بذلك: أو إلا أن يكون مذبوحًا، ذبحه ذابح من المشركين من عبدة الأوثان لصنمه وآلهته، فذكر عليه اسم وثنه، فإن ذلك الذبح فسق نهى الله عنه وحرّمه، ونهى من آمن به عن أكل ما ذبح كذلك لأنه ميتة. وهذا إعلام من الله جل ثناؤه للمشركين الذين جادلوا نبي الله وأصحابه في تحريم الميتة بما جادلوهم به، إن الذي جادلوهم فيه من ذلك هو الحرام الذي حرمه الله، وإن الذي زعموا أن الله حرّمه حلال قد أحلّه الله، وإنهم كذبة في إضافتهم تحريمه إلى الله.