قال ابن كثير: وإنما قرأ عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - هذه السورة تثبتًا له وزيادة لإِيمانه فإنه كان قد أنكر على عبد الله بن مسعود قراءة شيء من القرآن على خلاف ما أقرأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرفعه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فاستقرأهما،
وقال لكلّ منهما:«أصبت» . قال أبيّ: فأخذني من الشكّ وَلاءٌ إذ كنت في الجاهليّة، فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدره، قال أبيّ: ففضت عَرقًا وكأنما أنظر إلى الله فرقًا؛ وأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن جبريل أتاه فقال:(إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف. فقلت: أسأل الله معافاته ومغفرته. فقال: على حرفين. فلم يزل حتى قال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمّتك القرآن على سبعة أحرف) . فلما نزلت هذه السورة وفيها:{رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} قرأها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قراءة إبلاغ وتثبيت وإنذار، لا قراءة تعلّم واستذكار. والله أعلم. وهذا كما أن عمر بن الخطاب لما سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية عن تلك الأسئلة، وكان فيما قال: أولم تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال:«بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا» ؟ . قال: لا، قال:«فإنك آتيه ومطوّف به» . فلما رجعوا من الحديبية وأنزل الله على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سورة الفتح، دعا عمر بن الخطاب فقرأها عليه، وفيها قوله:{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} الآية. انتهى.
وعن مجاهد في قول الله:{مُنفَكِّينَ} ، قال: لم يكونوا لينتهوا حتى يتبيّن لهم الحقّ. وعن قتادة في قوله:{مُنفَكِّينَ} قال: منتهين عما هم فيه، {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} أي: هذا القرآن {رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً} يذكر القرآن بأحسن الذكر ويثني عليه بأحسن الثناء. وقال ابن كثير: أما أهل الكتاب فهم اليهود والنصارى، والمشركون
عبدة الأوثان والنيران من العرب والعجم. وقال مجاهد: