يقول تعالى:{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ} ، أي: في أكنة، فلا تعي ولا تفقه ما جئت به يا محمد. {بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ} ، أي: طردهم وأبعدهم من كل خير، {فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ} ، قال قتادة: معناه لا يؤمن منهم إلا قليل. وقد قال تعالى:{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلاً} .
يقول:{وَلَمَّا جَاءهُمْ} يعني: اليهود، {كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللهِ} وهو: القرآن، {مُصَدِّقٌ} موافق، {لِّمَا مَعَهُمْ} ، يعني: التوراة. {وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ} ، أي: وقد كانوا من قبل مجيء هذا الرسول بهذا الكتاب، يستنصرون بمجيئه على أعدائهم.
قال محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن أشياخ منهم، قال: فينا والله وفيهم - يعني: في الأنصار وفي اليهود الذين كانوا جيرانهم - نزلت هذه القصة، يعني:{وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ} ، قالوا: كنا قد علوناهم قهرًا
دهرًا في الجاهلية، ونحن أهل شرك، وهم أهل كتاب، وهم يقولون: إن نبيًا سيبعث الآن نتبعه، قد ظل زمانه، فنقتلكم معه قتل عاد وإرم،