للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصر، وكتب إليه أن احلب الدر حتى ينقطع، ثم احلب الدم حتى ينصرم، وهي أول شدة لحقت أهل مصر، فلما فعل أسامة بن زيد ما كتب به إليه، مدحه سليمان بن عبد الملك وقرظه، وقال: إن أسامة لا يرتشي ديناراً ولا درهماً، فقال له عمر بن عبد العزيز: أنا أدلك على من هو شَرٌّ من أسامة، ولا يرتشي دينارا ولا درهما. [قال] من هو؟ قال: عدو الله إبليس، فغضب سليمان وقام [من مجلسه] (١).

فلما توفي سليمان وولى عمر بن عبد العزيز كتب إلى مصر بعزل أسامة قبل أن يدفن سليمان، وولى الخراج بمصر حيان بن شريح، وأمره أن يحبس أسامة مقيداً ستة أشهر وينادي عليه [في] كل جند (٢).

وكتب أبو جعفر إلى محمد بن سعيد عامل خراجه على مصر يستحثه في الخراج، فكتب إليه يشكو اختلالها، وأنها تحتاج إلى إنفاق فإنها ترد أضعاف ما ينفق فوافق ورود هذا الكتاب إلى أبي جعفر خروج بني الحسن (٣)، فكتب إليه أبو جعفر:

لا تَكسع الشَّولَ بأَغبَارها … إنك لا تدري من الناتج (٤)


(١) ابن الكندى: فضائل مصر المحروسة ص ٣٧، وابن سعيد: المغرب ص ٧١، وابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة ج ١ ص ٢٣١ وما بين حاصرتين منها.
(٢) ابن الكندى: فضائل مصر ص ٣٨، وابن سعيد: المغرب ص ٧١ وما بين حاصرتين منهما.
(٣) ظهرت بمصر دعوة بنى الحسن بن على بن أبى طالب وتكلم بها الناس وبايع كثير منهم لبنى الحسن فى الباطن، وماجت الناس بمصر، وكاد أمر بنى الحسن أن يتم، وبينما الناس فى ذلك قدم البريد برأس إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن على بن أبى طالب فى ذى الحجة سنة ١٤٥ هـ‍، وقد منع أهل مصر من الحج بسبب خروج هؤلاء العلويين، فلما قتل إبراهيم، أذن لهم فى الحج (الكندى: الولاة ص ١١١ - ١١٢، وابن تغرى بردى، النجوم الزاهرة ج ٢ ص ١).
(٤) البيت فى اللسان (كسع) وينسب للحارث بن حلزة، والمعنى: لا تغزر إبلك تطلب بذلك قوة نسلها، واحلبها لأضيافك، فلعل عدوّا يغير عليها، فيكون نتاجها له دونك.