قال: صدقت وأنا كذلك، فخرج فصاح ألا أني قد أجرت بين الناس ولا والله ما أظن أن يخفرني أحد.
ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إني أجرت بين الناس، ولا والله ما أظن أن يخفرني أحد، ولا يرد جواري؟
فقال صلى الله عليه وسلم:"أنت تقول يا أبا حنظلة".
فخرج أبو سفيان على ذلك فقال صلى الله عليه وسلم حين أدبر أبو سفيان:"اللهم خذ على أسماعهم وأبصارهم فلا يرونا إلا بغتة ولا يسمعوا بنا إلا فجأة".
وقدم أبو سفيان مكة فقالت له قريش: ما وراءك هل جئت بكتاب من محمد أو عهد؟
قال: لا والله لقد أبى عليّ، وقد تتبعت أصحابه فما رأيت قومًا لملك عليهم أطوع منهم له، غير أن علي بن أبي طالب قد قال لي: التمس جوار الناس عليك، ولا تجر أنت عليه وعلى قومك وأنت سيد قريش وأكبرها وأحقها أن لا تخفر جواره، فقمت بالجوار ثم دخلت على محمد فذكرت له أني قد أجرت بين الناس وقلت: ما أظن أن تخفرني؟
فقال:"أنت تقول ذلك يا حنظلة"؟ ١.
فقالوا مجيبين له: رضيت بغير رضى، وجئتنا بما لا يغني عنا ولا عنك شيئًا، وإنما لعب بك علي، لعمر الله ما جوارك بجائز وإن إخفارك عليهم لهين.
ثم دخل على امرأته فحدثها الحديث فقالت: قبحك الله من وافد فما جئت بخير.
١ بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني ج٢١ ص١٤٤، والمغازي ج٢ ص٧٩٣، ٧٩٥.