للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودفع لواء المهاجرين إلى مصعب بن عمير رضي الله عنه١.

ثم ركب فرسه، وتقلد القوس، وأخذ قناة بيده، والمسلمون عليهم السلاح فيهم مائة دارع.

وخرج سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ رضي الله عنه أمامه يعدوان والناس عن يمينه، وشماله حتى انتهى إلى رأس الثنية، عند مكان يقال له الشيخان، نسبة إلى شيخ وشيخة عمياوان كانا يجلسان في الجاهلية فوقه يتناجيان.

وهناك رأى صلى الله عليه وسلم كتيبة خشناء لها جلبة وضجيج فقال صلى الله عليه وسلم: "ما هذه"؟.

فقالوا: هؤلاء حلفاء عبد الله بن أبي بن سلول من اليهود.

فقال صلى الله عليه وسلم: "لا نستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك وردهم" ٢.

ومضى فعسكر بالشيخين قريبًا من أحد، ولبس درعه الأول، وبعد استراحة الجيش أخذ سيره إلى أحد.

وفي الطريق عند "الحائط" رجع عبد الله بن أبي ومن معه من أهل النفاق، وهم ثلاثمائة رجل وهو يقول: عصاني وأطاع الولدان، ومن لا رأي له، ما ندري علام نقتل أنفسنا؟ ارجعوا أيها الناس، فرجعوا.

فاتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام "وكان خزرجيًا كابن أبي".

فقال رضي الله عليه: أذكركم الله أن لا تخذلوا قومكم، ونبيكم بعدما حضر عدوهم.

قالوا: لو نعلم قتالا ما أسلمناكم، ولكنا لا نرى أن يكون قتال.

فلما أبوا قال: أبعدكم الله، فسيغني الله عنكم نبيه.

ولما راآ بنو سلمة من الأوس، وبنو حارث بن الخزرج عبد الله بن أبي قد خذل، هموا بالانصراف، وكانوا جناحين من المعسكر، ثم عصمهما الله، وفيهم نزل قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} ٣.


١ الطبقات ج٢ ص٣٩، ٤٠.
٢ سيرة النبي ج٢ ص٦٤.
٣ سورة آل عمران: ١٢٢.

<<  <   >  >>