للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو آمن ومن قعد بالمدينة فهو آمن إلا من ظلم أو أثم، وأن الله جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله١.

وهذه الوثيقة تؤكد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو رئيس الدولة، وهو المرجع في التفسير والحكم والتنفيذ، وهو صلى الله عليه وسلم المسئول عن تحقيق أمن المدينة وسلامة المقيمين فيها، وهو صلى الله عليه وسلم المصدر الوحيد الذي يتلقى الوحي الإلهي، ويبلغه لهم وللناس أجمعين.

وهذه الوثيقة تبين أن مواطني الدولة الإسلامية هم المسلمون وغيرهم، وأن الجميع مسئولون عن ضمان الحقوق داخل المدينة، وعدم التعامل مع المجرمين، وترك التعاون مع المعتدين داخل المدينة أو خارجها، بحيث لا يخرج أحد من المدينة إلى مكة إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يأوى أحد إلا بإذنه صلى الله عليه وسلم كذلك.

وتنظم الوثيقة العلاقة بين قبائل المدينة جميعًا، وفي إطار قبول الجميع لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم الذي يضمن لكل دينه وكرامته وحريته.

وبوضع هذا الميثاق، وإحاطة جميع القبائل به يكون قد تم تحديد مسار الجميع، ومعرفة كل فرد في المدينة لما له، وما عليه، وبهذا الميثاق بدأت الملامح السياسية لدولة المدينة تترسخ، وتخضع لحكم تشريع واحد هو الإسلام، ويقودها إمام واحد هو رسول الله صلى الله عليه وسلم والكل فيها مواطنون يتمتعون بحقوق المواطنة، وعليهم واجباتها.

وبذلك تم تنظيم المجتمع في المدينة، وأصبح الطريق مفتوحًا لنشر دعوة الله في كل مكان, وبكل الوسائل الممكنة، ولذلك بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم جهاد الدعوة بالسرايا والغزوات، وهذا ما سيتضمنه مبحث حركة الرسول بالدعوة في المدينة الذي سيأتي بعد الانتهاء من سيرته صلى الله عليه وسلم.


١ السيرة النبوية لابن هشام ج١ من ص٥٠١ إلى ٥٠٤.

<<  <   >  >>