حاصلها بعد أَن نقل ماهنا من أَنه يعْمل بِكِتَاب الامان.
وَنقل جزم ابْن الشّحْنَة وَابْن وهبان بِالْعَمَلِ بدفتر الصراف والبياع والسمسار لِعِلَّةِ أَمْنِ التَّزْوِيرِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَزَّازِيُّ والسرخسي وقاضيخان، وَأَن هَذِهِ الْعِلَّةَ فِي الدَّفَاتِرِ السُّلْطَانِيَّةِ أَوْلَى كَمَا يَعْرِفُهُ مَنْ شَاهَدَ أَحْوَالَ أَهَالِيِهَا حِينَ نَقْلِهَا، إذْ لَا تَحَرُّرَ أَوَّلًا إلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، ثُمَّ بَعْدَ اتِّفَاقِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَلَى نَقْلِ مَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَسَاهُلٍ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ تُعْرَضُ عَلَى
الْمُعَيَّنِ لِذَلِكَ فَيَضَعُ خَطَّهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَى الْمُتَوَلِّي لِحِفْظِهَا الْمُسَمَّى بِدَفْتَرٍ أَمِينِيٍّ فَيَكْتُبُ عَلَيْهَا ثُمَّ تُعَادُ أُصُولُهَا إلَى أَمْكِنَتِهَا الْمَحْفُوظَةِ بِالْخَتْمِ، فَالْأَمْنُ مِنْ التَّزْوِيرِ مَقْطُوعٌ بِهِ، وَبِذَلِكَ كُلِّهِ يُعْلِمُ جَمِيعَ أَهْلِ الدَّوْلَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَلَوْ وَجَدَ فِي الدَّفَاتِرِ أَنَّ الْمَكَانَ الْفُلَانِيَّ وَقْفٌ عَلَى الْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ مَثَلًا يَعْمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَبِذَلِكَ يُفْتِي مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي بَهْجَةِ عَبْدِ اللَّهِ أَفَنْدِي وَغَيْرِهَا، فَلْيُحْفَظْ اه.
فَالْحَاصِل أَن للدَّار على انْتِفَاء الشُّبْهَة ظَاهرا، وَعَلِيهِ فَمَا يُوجد فِي دفاتر التُّجَّار فِي زَمَاننَا إِذا مَاتَ أحدهم وَقد حرر بِخَطِّهِ مَا عَلَيْهِ فِي دفتره الَّذِي يقرب من الْيَقِين أَنه لَا يكْتب فِيهِ على سَبِيل التجربة والهزل يعْمل بِهِ وَالْعرْف جَار بَينهم بذلك، فَلَو لم يعْمل بِهِ لزم ضيَاع أَمْوَال النَّاس إِذْ غَالب بياعاتهم بِلَا شُهُود، فلهذه الضَّرُورَة جزم بِهِ الْجَمَاعَة المذكورون وأئمة بَلخ كَمَا نَقله فِي الْبَزَّازِيَّة، وَكفى بالامام السَّرخسِيّ وقاضيخان قدوة، وَقد علمت أَن هَذِه الْمَسْأَلَة مُسْتَثْنَاة من قَاعِدَة أَنه لَا يعْمل بالخط، فَلَا يرد مَا مر من أَنه تحل الشَّهَادَة بالخط على مَا عَلَيْهِ الْعَامَّة، وَيدل عَلَيْهِ تَعْلِيلهم بِأَن الْكِتَابَة قد تكون للجربة، فَإِن هَذِه الْعلَّة فِي مَسْأَلَتنَا منتفية، وَاحْتِمَال أَن التَّاجِر يُمكن أَن يكون قد دفع المَال وَأبقى الْكِتَابَة فِي دفتره بعيد جدا، على أَن ذَلِك: الِاحْتِمَال مَوْجُود، وَلَو كَانَ بِالْمَالِ شُهُود فَإِنَّهُ يحْتَمل أَنه قد أوفى المَال وَلم يعد بِهِ الشُّهُود.
ثمَّ لَا يخفى أَنا حَيْثُ قُلْنَا بِالْعَمَلِ بِمَا فِي الدفتر فَذَاك فِيمَا عَلَيْهِ كَمَا يدل عَلَيْهِ مَا قدمْنَاهُ عَن خزانَة الاكمل وَغَيرهَا.
أما فِيمَا لَهُ على النَّاس فَلَا يَنْبَغِي القَوْل بِهِ، فَلَو ادّعى بِمَال على آخر مُسْتَندا لدفتر نَفسه لَا يقبل لقُوَّة التُّهْمَة الْكل من التَّنْقِيح لسيدي الْوَالِد مُلَخصا.
وَتَمَامه فِيهِ.
وَانْظُر مَا قدمه فِي كتاب القَاضِي.
قَوْله: (وَلَا يشْهد على شَهَادَة غَيره) وَلَو سَمعه يشْهد غَيره فَإِنَّهُ لَا يَسعهُ أَن يشْهد لانه حمل غَيره ط.
قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يُشْهَدْ عَلَيْهِ) أَيْ مَا لَمْ يَقُلْ لَهُ الشَّاهِدُ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي.
قَالَ فِي الْبَحْر: وَلَو قَالَ الْمُؤلف كَمَا فِي الْهِدَايَة مَا لم يشْهد عَلَيْهَا لَكَانَ أولى من قَوْله عَلَيْهِ لما فِي الخزانة: لَو قَالَ اشْهَدْ عَليّ بِكَذَا أَو أشهد على مَا شهِدت بِهِ كَانَ بَاطِلا وَلَا بُد أَن يَقُول اشْهَدْ على شهادتي إِلَى آخِره اه.
قَوْله: (فَلَو فِيهِ جَازَ) لانها حِينَئِذٍ ملزمة وَالتَّعْلِيل يُفِيد أَن القَاضِي قضى بهَا.
حموي، لَكِن قَالَ سَيِّدي: وَالظَّاهِر أَن المُرَاد من كَونهَا ملزمة: أَي للْقَاضِي الحكم بهَا، إِذْ لَا يجوز لَهُ تَأْخِير الحكم إِلَّا فِي مَوَاضِع تقدّمت فِي الْقَضَاء كَمَا صرح بِهِ فِي النِّهَايَة وَفتح الْقَدِير وتبعهم الشَّارِح.
أَقُول: وَحِينَئِذٍ لَا يلْزم مَا أَفَادَهُ التَّعْلِيل من قَضَاء القَاضِي بهَا بِالْفِعْلِ.
قَوْله: (وَيُخَالِفهُ تَصْوِيرُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ) حَيْثُ قَالَ: سَمِعَ رَجُلٌ أَدَاء الشَّهَادَة عِنْد القَاضِي لم يسع لَهُ أَن يشْهد على شَهَادَته اه ح.
فَإِن حمل ذَلِك على أَنه قبل الْقَضَاء بِهِ ارْتَفَعت الْمُنَافَاة ط.
أَقُول: وَهُوَ مؤيد لما قُلْنَاهُ آنِفا فِي القولة الَّتِي قبل هَذِه.
قَوْله: (وَقَوْلهمْ) عطف على تَصْوِيره: