للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَحَاصِلُ الْجَوَابَيْنِ: أَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ خَطُّهُ أَوْ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إذَا عَايَنُوا كِتَابَته أَو قَرَأَهُ عَلَيْهِمْ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا إذَا كَانَ مُعَنْوَنًا.

ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمَتْنِ.

نَعَمْ يُخَالِفُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ هَذَا خطي وَأَنا حررته لَكِن لَيْسَ عَليّ هَذَا الْمَالُ وَثَمَّةَ لَا يَجِبُ، كَذَا هُنَا.

وَقَدْ يُوَفَّقُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَنْوَنًا، لَكِنْ هُوَ قَوْلُ الْقَاضِي النَّسَفِيِّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْعَامَّة.

قَوْله: (فراجع ذَلِك) أَرَادَ بذلك أَن يبين أَن الْمَسْأَلَة الَّتِي أفتى بهَا قَارِئ الْهِدَايَة غير مَسْأَلَة قاضيخان، فَإِن مَا فِي قاضيخان هُوَ الَّذِي ذكره المُصَنّف كَمَا وقفت عَلَيْهِ.

وَالَّذِي أفتى بِهِ قَارِئ الْهِدَايَة هُوَ مَا فِي شرح الْوَهْبَانِيَّة والملتقط كَمَا علمت.

أَقُول: وَالْحَاصِل أَنه اضْطربَ كَلَامهم فِي مَسْأَلَة الْعَمَل بالخط، وَلَعَلَّه مَبْنِيّ على اخْتِلَاف الرِّوَايَة أَو أَن فِيهِ قَوْلَيْنِ كَمَا يشْعر بِهِ التَّعْبِير بِلَفْظ قَالُوا كَمَا قدمْنَاهُ، وَالَّذِي قدمْنَاهُ عَن الْبَحْر يُفِيد أَن عَامَّة عُلَمَائِنَا على عدم الْعلم بالخط، وَأَشَارَ الْعَلامَة البيري إِلَى أَن قَوْلهم لَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يَعْمَلُ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ الَّذِي عَلَيْهِ خُطُوطُ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ إلَخْ يسْتَثْنى مِنْهُ مَا وجده القَاضِي فِي أَيدي الْقُضَاة الماضين وَله رسوم فِي دواوينهم، وَيُشِير إِلَيْهِ مَا قَالَه فِي الاسعاف من أَن ذَلِك اسْتِحْسَان، وَاسْتثنى أَيْضا فِي الاشباه تبعا لما فِي قاضيخان وَالْبَزَّازِيَّة وَغَيرهمَا خطّ السمسار والبياع والصراف، وَجزم بِهِ فِي

الْبَحْر وَكَذَا فِي الْوَهْبَانِيَّة، وحققه ابْن الشّحْنَة وَكَذَا الشُّرُنْبُلَالِيّ فِي شرحها، وَأفْتى بِهِ المُصَنّف وَنسبه الْعَلامَة البيري إِلَى غَالب الْكتب، قَالَ: حَتَّى الْمُجْتَبى حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا خَطُّ الْبَيَّاعِ وَالصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ فَهُوَ حُجَّةٌ وَإِن لم يكن معنونا ظَاهرا بَين النَّاس وَكَذَلِكَ مَا يَكْتُبُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لِلْعُرْفِ اه.

وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: صَرَّافٌ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ وَخَطُّهُ مَعْلُومٌ بَيْنَ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الْبَلَدِ ثُمَّ مَاتَ فَجَاءَ غَرِيمٌ يَطْلُبُ الْمَالَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَعَرَضَ خَطَّ الْمَيِّتِ بِحَيْثُ عَرَفَ النَّاسُ خَطَّهُ حُكِمَ بِذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ بِمِثْلِهِ حُجَّةً اه مَا قَالَه البيري.

ثمَّ قَالَ بعده، قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَيْنِيُّ: وَالْبِنَاءُ عَلَى الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ وَاجِبٌ، فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْبَيَّاعُ: وَجَدْتُ فِي يار كاري (١) أَي دفتر بخطي أَو كتبت يار كاري بِيَدِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ هَذَا إِقْرَارا ملزما إِيَّاه.

قلت: وَيُزَادُ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ بِمُوجب الْعرف لَا بِمُجَرَّد الْخط، وَالله تَعَالَى أعلم، وَأقرهُ الشَّارِح فِي بَاب كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي حَيْثُ قَالَ: وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يَعْمَلُ بِالْخَطِّ إلَّا فِي مَسْأَلَة كتاب الامان، وَيلْحق بِهِ البراءات ودفتر بياع وصراف وسمسارا الخ.

مطلب فِي الْعَمَل بالدفاتر السُّلْطَانِيَّة وَكتب سَيِّدي نقلا عَن الْمُحَقِّقُ هِبَةُ اللَّهِ الْبَعْلِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الاشباه مَا نَصه: تَنْبِيه: مثل البراءات السُّلْطَانِيَّة الدفتر الخاقاني المعنون بالطرة السُّلْطَانِيَّة فَإِنَّهُ يعْمل بِهِ، وللشارح رِسَالَة فِي ذَلِك *


(١)
قَوْله: (ياركاري) بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَالرَّاء الْمُهْملَة آخِره رَاء مركب: مَعْنَاهُ الْمُذكر، وَهُوَ هُنَا الدفتر.
وَفِي بعض الاياركار.
وَفِي بعض فِي تَذَاكر الباعة اه.
مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>