والداها، وأعظمت ذلك المرأة وشددت على المغيرة ثم مكنته من النظر إليها طاعة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي هذه الأحاديث أيضا بيان ما كان عليه نساء الصحابة رضي الله عنهم من المبالغة في التستر من الرجال الأجانب، ولهذا لم يتمكن جابر ومحمد بن مسلمة رضي الله عنهما من النظر إلى المخطوبة إلا من طريق الاختباء والاغتفال، وكذلك المغيرة لم يتمكن من النظر إلى مخطوبته إلا بعد إذنها له في النظر إليها" (١) اهـ.
وكذلك يشهد لهذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر رضي الله عنه: "فإن استطَاعَ أن يَنطرَ إلى ما يَدعُوه إلى نِكَاحِهَا فَليَفعَل".
* وقال الشيخ أبو هشام ا! لأنصاري معلقا على حديث المغيرة رضي الله عنه:
وهذا الحادث يدل أيضَا على أن النساء كن قائمات بالتستر بحيث لم يكن الرجل يقدر على أن يراهن إلا بالحيل والتصرفات، أو إلا أن يسمحن له بالرؤية، ولو كن يخرجن سافرات الوجوه، كاشفات الخدين، مكتحلات العينين، مخضوبات الكفين لم يكن الرجال يحتاجون إلى تجشم هذه المشقات في رؤيتهن ". اهـ.
وقال معلقًا على قول جابر رضي الله عنه في آخر حديثه: فخطبت امرأة من بني سلمة فكنت أختبئ تحت الكرب حتى رأيت منها بعض ما دعاني إِليها
(المحلى لابن حزم (١١/٢٢٠) .
وفي هذا الحديث دليل من وجهين:
الأول: أن قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن استطاع أن ينظر. . . إلخ" يدل على أن النظر
إلى النساء لم يكن سهلَا، بل كان لابد لها من حيل وتصرفات، ولو كانت النساء يخرجن سافرات الوجوه في ذلك الزمان لم يكن لاشتراط الاستطاعة