الأجنبية، وكذا قريب الزوج من أخ وعم ونحو ذلك، وفي رواية لمسلم في "الصحيح" عن أبي الطاهر عن ابن وهب قال: سمعت الليث يقول:
"الحمو أخو الزوج وما أشبه من أقارب الزوج وابن العم ونحوه"، وفي
الحديث تغليظ شديد وتنبيه خطير من الدخول على النساء.
* وقال الإمام ابن الأثير في "النهاية":
لا يخلون رجل بأجنبية، وإن قيل حموها، ألا حموها الموت، أحد الأحماء أقارب الزوج، والمعنى فيه: أنه إذا كان رأيه في أخي الزوج وما شابهه وهو قريب فكيف بالغريب؟ أي: فلتمت، ولا تفعل ذلك، وهذه الكلمة تقولها العرب كما تقول الأسد: الموت، والسلطان: النار، أي لقاؤهما مثل الموت والنار، يعني أن خلوة ابن عم الزوج معها أشد من خلوة غيرها من الغرباء
لأنه ربما حَسَّنَ لها أشياء، وحملها على أمور تثقل على الزوج من التماس ما
ليس في وسعه أو سوء عشرة أو غير ذلك".
قلت: إذا كان الوجه والكفان ليستا من العورة والزينة وجاز كشفهما
أمام الأجانب فلماذا هذا التشديد في هذه الأحاديث الصحيحة، ولماذا
هذا التناقض بين تلك الأحاديث وقد سبق أن قلت: إن تلك الأحاديث غير صحيحة فلا يجوز أن يقال إنها متعارضة مع هذه
الأحاديث الصحيحة التي فيها التغليظ الشديد والتحريم الموثق، فلو
كانت تلك الأحاديث والآثار التي يستدل بها بعض الناس على جواز
كشف الوجه والكفين صحيحة الإسناد لكانت شاذة غير محفوظة في
أنظار أهل الحديث، فكيف وهي ضعيفة منكرة، فلا يحتج بها بحال من
الأحوال فلا ينبغي أن يقال بعد هذا النقل إن الوجه والكفين ليستا من
العورة والزينة استنادًا على قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الذي
سبق بيانه من ناحية الإسناد" (١) اهـ.
(١) "رسالة الحجاب" (ص: ٣٣ - ٣٥) .