للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

على قدرها، وكانت تغزل الغزل من الصوف أو الشعر والوبر هي وجواربها، فكُنَّ يغزلنَ إلى نصف النَّهار، فإذا انتصف النَّهار، أمرتهنَّ بنقض جميع ما غزلن، فكان هذا دأبها.

والمعنى: أنَّها لم تكلَّ عن العمل، ولا حين عملت كفَّت عن النقض، فكذلك أنتم إذا نقضتم العهد لا كفَّيتم عن العهد، ولا حين [عهدتم] وفيتم به.

وقيل: المراد بالمثل: الوصف دو التَّعيين؛ لأن القصد بالأمثال صرف المكلَّف عن الفعل إذا كان قبيحاً، والدُّعاء إليه إذا كان حسناً، وذلك يتم دون التَّعيين.

قوله تعالى: «أنكاثاً» فيه وجهان:

أظهرهما: أنه حال من «غَزلِهَا» ، والأنْكَاثُ: جمع نِكْث بمعنى منكُوث، أي: منقوض.

والثاني: أنه مفعول ثان لتضمين «نَقضَتْ» معنى صيَّرت؛ كما تقول: فرقته أجزاء.

وجوَّز الزجاج فيه وجهاً ثالثاً، وهو النصب على المصدرية؛ لأنَّ معنى نكثت: نقضت، ومعنى نقضت: نكثت؛ فهو ملاق لعامله في المعنى.

قيل: وهذا غلط منه؛ لأنَّ الأنكاث جمع نكث، وهو اسمٌ لا مصدر، فكيف يكون قوله: «أنْكَاثاً» بمعنى المصدر؟ .

والأنْكَاث: الأنقاض، واحدها نِكْث؛ وهو ما نقض بعد الفتل غزلاً كان أو حبلاً.

فصل

قال ابن قتيبة: هذه الآية متَّصلة بما قبلها، والتقدير: وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم، ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها، فإنَّكم إن فعلتم ذلك، كنتم مثل امرأة غزلت غزلاً وأحكمته، فلما استحكم، نقضته فجعلته أنكاثاً.

قوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ} يجوز أن يكون الجملة حالاً من واو «تكونوا» ، أو من الضمير المستتر في الجارِّ؛ إذ المعنى: تكونوا مشبهين كذا حال كونكم متَّخذين، وهذا استفهام على سبيل الإنكار.

قوله: «دَخَلاً بَيْنكُمْ» هو المفعول الثاني ل «تَتَّخِذُونَ» ، والدَّخلُ: الفساد والدَّغل.

وقيل: «دَخَلاً» مفعول من أجله، وقيل: الدَّخل: الدَّاخل في الشيء ليس منه.

قال الواحدي - رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى -: «الدَّخلُ والدَّغلُ: الغِشُّ والخِيانةُ» .

وقيل: الدَّخل: ما أدخل في الشيء على فسادٍ، وقيل: الدَّخل والدَّغل: أن يظهر الوفاء به ويبطن الغدر والنقض.

<<  <  ج: ص:  >  >>