للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاةَ لَكِنْ مَحَلُّهُ إنْ نَوَى الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً أَمَّا لَوْ عَرَضَ بَعْدَ فِعْلِهَا فَلَا يُؤَثِّرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا نَفْلٌ وَهُوَ لَا يَصِيرُ وَاجِبًا بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَكَوْنُهُ يَصِيرُ زِيَادَةً مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَهِيَ مُبْطَلَةٌ مَحَلُّهُ كَمَا مَرَّ إنْ تَعَمَّدَهَا وَهُنَا لَمْ يَتَعَمَّدْهَا كَمَا تَقَرَّرَ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ إطْلَاقِ الْبُطْلَانِ وَعَنْ الْقَفَّالِ مِنْ إطْلَاقِ عَدَمِهِ وَهُمَا كَالْجِلْسَةِ بَيْنَهُمَا (كَسُجُودِ الصَّلَاةِ) وَالْجُلُوسُ بَيْنَ سَجْدَتَيْهَا فِي وَاجِبَاتِ الثَّلَاثَةِ وَمَنْدُوبَاتِهَا السَّابِقَةِ كَالذِّكْرِ فِيهَا، وَقِيلَ يَقُولُ فِيهِمَا سُبْحَانَ مَنْ لَا يَنَامُ وَلَا يَسْهُو وَهُوَ لَائِقٌ بِالْحَالِ لَكِنْ إنْ سَهَا لَا إنْ تَعَمَّدَ؛ لِأَنَّ اللَّائِقَ حِينَئِذٍ الِاسْتِغْفَارُ، وَلَوْ أَخَلَّ بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ السَّجْدَةِ أَوْ الْجُلُوسِ.

فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي مَا مَرَّ فِي السَّجْدَةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ نَوَى الْإِخْلَالَ بِهِ قَبْلَ فِعْلِهِ أَوْ مَعَهُ وَفَعَلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ طَرَأَ لَهُ أَثْنَاءَ فِعْلِهِ الْإِخْلَالُ بِهِ فَأَخَلَّ وَتَرَكَهُ فَوْرًا لَمْ تَبْطُلْ وَعَلَى هَذَا الْأَخِيرِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْإِسْنَوِيِّ عَدَمَ الْبُطْلَانِ وَنُوزِعَ فِيهِ بِمَا يَرُدُّهُ مَا قَرَّرْتُهُ وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ سُجُودِ السَّهْوِ وَهُوَ قِيَاسُ عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لَكِنَّ الْوَجْهَ الْفَرْقُ فَإِنَّ سَبَبَهَا الْقِرَاءَةُ الْمَطْلُوبَةُ فِي الصَّلَاةِ فَشَمِلَتْهَا نِيَّتُهَا ابْتِدَاءً مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهَا مِنْ حَيْثُ قِيَامُهَا مَقَامَ سَجْدَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَفْعَالِهَا الْمَطْلُوبَةِ فِيهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا صَلَاةً بَلْ لِفُرُوضِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا الَّتِي قَدْ تُوجَدُ وَقَدْ لَا بِخِلَافِ جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَأَمَّا سُجُودُ السَّهْوِ فَلَيْسَ سَبَبُهُ مَطْلُوبًا فِيهَا وَإِنَّمَا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلَمْ تَشْمَلْهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْمُقْتَصَرُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ لَكِنْ مَحَلُّهُ) أَيْ الْإِبْطَالِ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهُ) أَيْ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ مِنْ السَّجْدَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَوْ أَنَّثَ لَاسْتَغْنَى عَنْ التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي فَصْلِ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَمَّا لَوْ عَرَضَ بَعْدَ فِعْلِهَا إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَيْ فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا لَوْ نَوَى الِاقْتِصَارَ عَلَى سَجْدَةٍ ابْتِدَاءً وَالثَّانِي عَلَى مَا لَوْ عَرَضَ بَعْدَ فِعْلِهَا (قَوْلُهُ كَالْجِلْسَةِ) الْمُنَاسِبُ وَالْجِلْسَةُ بِالْعَطْفِ (قَوْلُهُ فِي وَاجِبَاتِ الثَّلَاثَةِ وَمَنْدُوبَاتِهَا إلَخْ) كَوَضْعِ الْجَبْهَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالتَّحَامُلِ وَالتَّنْكِيسِ وَالِافْتِرَاشِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَالتَّوَرُّكِ بَعْدَهُمَا وَيَأْتِي بِذِكْرِ سُجُودِ الصَّلَاةِ فِيهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسَكَتُوا عَنْ الذِّكْرِ بَيْنَهُمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالذِّكْرِ بَيْنَ سَجْدَتَيْ صُلْبِ الصَّلَاةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ مَا مَرَّ فِي السَّجْدَةِ) أَيْ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِالشَّرْطِ وَ (قَوْلُهُ قَبْلَ فِعْلِهِ) أَيْ فِعْلِ أَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ سَابِقًا مِنْ السَّجْدَةِ وَالْجُلُوسِ وَيَجُوزُ إرْجَاعُ الضَّمِيرِ لِلسَّجْدَةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا فِي قَوْلِهِ مَا مَرَّ فِي السَّجْدَةِ وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَفَعَلَهُ وَقَوْلِهِ أَثْنَاءَ فِعْلِهِ وَقَوْلِهِ وَتَرَكَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ طَرَأَ لَهُ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ طَرَأَ لَهُ الرَّفْعُ مِنْ السَّجْدَةِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ سم (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا الْأَخِيرِ) أَيْ الطُّرُوءِ.

(قَوْلُهُ مَا قَرَّرْتُهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَمَّا لَوْ عَرَضَ بَعْدَ فِعْلِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْوَجْهَ الْفَرْقُ إلَخْ) وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَفِيهِ نِزَاعٌ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وُجُوبُ النِّيَّةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ فِيمَا يَظْهَرُ لَا عَلَى الْمَأْمُومِ وَهِيَ الْقَصْدُ اهـ أَيْ قَصْدُ خُصُوصِ السَّهْوِ وَخُصُوصِ التِّلَاوَةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي رَشِيدِيٌّ وَعِبَارَةُ سم الْوَجْهُ تَخْصِيصُ وُجُوبِ نِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ بِغَيْرِ الْمَأْمُومِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ يُغْنِي عَنْهَا وَكَنِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ نِيَّةُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا أَيْضًا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَيَخْتَصُّ وُجُوبُهَا بِغَيْرِ الْمَأْمُومِ لِمَا ذُكِرَ (فَرْعٌ) هَلْ تَجُوزُ نِيَّةُ سُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ صَدَرَ السَّبَبُ عَمْدًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ صَارَ عَلَمًا فِي الشَّرْعِ عَلَى السُّجُودِ لِلْخَلَلِ مُطْلَقًا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْجَوَازُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِالسَّهْوِ حَقِيقَتَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَلَاعُبٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ سَبَبَهَا الْقِرَاءَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ نَصُّهَا وَنَوَى وُجُوبًا؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْهَا كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي تَرْكِ السَّجَدَاتِ فَقَالُوا لَوْ تَرَكَ سَجْدَةً سَهْوًا ثُمَّ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ لَا تَكْفِي عَنْهَا؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَجَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَإِنَّهُ يَكْفِي؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ شَمِلَتْهُ فَهِيَ كَسُجُودِ السَّهْوِ كَذَا قِيلَ وَالْأَوْجَهُ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي نِيَّتُهَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ تَنْسَحِبُ عَلَيْهَا بِوَاسِطَةٍ وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سُجُودِ السَّهْوِ انْتَهَى وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْهَا أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ وَالسُّنَّةُ الَّتِي تَقُومُ مَقَامَ الْوَاجِبِ مَا شَمِلَتْهُ النِّيَّةُ بِلَا وَاسِطَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ سَبَبَهَا الْقِرَاءَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ بَلْ لِعُرُوضِ الْقِرَاءَةِ) أَيْ قِرَاءَةِ آيَةِ السَّجْدَةِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

عَنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ بِخِلَافِ التَّخَلُّفِ عَنْ سُجُودِ السَّهْوِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مَمْنُوعٌ فَإِنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ سُجُودِ السَّهْوِ فَاحِشٌ أَيْضًا بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَأْمُومَ الْغَيْرَ الْمَعْذُورِ إذَا تَخَلَّفَ عَنْ الْإِمَامِ إلَى أَنْ هَوَى لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْلَا فُحْشُ التَّخَلُّفِ بِهِ مَا بَطَلَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ فَرْقٍ وَاضِحٍ عَلَى طَرِيقَةِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ التَّشَهُّدَ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ وَلَمْ يَلْزَمْ التَّخَلُّفُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ طَوِيلَةٍ مَعَ أَنَّ مَا تَخَلَّفَ بِهِ لَيْسَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَغَايَتُهُ أَنْ يَنْزِلَ مَنْزِلَتَهَا، فَلْيُتَأَمَّلْ. نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ عَلَى طَرِيقِ شَيْخِنَا بِأَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ مَعَ كَوْنِ التَّخَلُّفِ عَنْهُ فَاحِشًا يَفُوتُ وَلَا كَذَلِكَ سُجُودُ السَّهْوِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ لَهُ) أَيْ: كَأَنْ طَرَأَ لَهُ الرَّفْعُ مِنْ السَّجْدَةِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إلَخْ) الْوَجْهُ تَخْصِيصُ وُجُوبِ نِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ بِغَيْرِ الْمَأْمُومِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ يُغْنِي عَنْهَا وَكَنِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ نِيَّةُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا أَيْضًا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَيَخْتَصُّ وُجُوبُهَا بِغَيْرِ الْمَأْمُومِ لِمَا ذُكِرَ وَقَدْ يُؤَيِّدُ التَّخْصِيصَ قَوْلُهُمْ وَاللَّفْظُ لِلْعُبَابِ وَمَنْ سَجَدَ إمَامُهُ فِي السِّرِّيَّةِ مِنْ قِيَامٍ سَجَدَ مَعَهُ فَلَعَلَّهُ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ فَإِنْ سَجَدَ ثَانِيَةً لَمْ يُتَابِعْهُ، بَلْ يَقُومُ اهـ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ سُجُودِهِ مَعَهُ وَإِنْ جَهِلَ أَنَّهُ عَنْ التِّلَاوَةِ وَمَنْ جَهِلَ لَا تَتَأَتَّى مِنْهُ النِّيَّةُ الَّتِي شَرْطُهَا الْجَزْمُ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (فَرْعٌ) هَلْ تَجُوزُ نِيَّةُ سُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ صَدَرَ السَّبَبُ عَمْدًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ صَارَ عَلَمًا فِي الشَّرْعِ عَلَى السُّجُودِ لِلْخَلَلِ مُطْلَقًا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْجَوَازُ مَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>